فكان أبي يقول - ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وآله: كان يقرأ في الركعتين قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: " إن الصفا والمروة من شعائر الله (1) " أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره، وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، و هو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه (2) على المروة قال:
" لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة " فقام سراقة بن جعشم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله: ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وآله أصابعه واحدة في الأخرى وقال: " دخلت العمرة في الحج مرتين لابل لابد أبد " وقدم علي من اليمن ببدن النبي رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد فاطمة ممن أحل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها فقالت: أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله محرشا على فاطمة للذي صنعت ومستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وآله فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: صدقت صدقت، ما ذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: " اللهم إني أهل بما أهل به رسولك " قال:
فإن معي الهدي فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم (3) علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وآله مائة، قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وآله ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج