له صاحبه: ولم إذا رأيت العلامة (1) لا تتبعه؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟
كرمونا ومولونا ونصبوا لنا كنايسنا (2)، وأعلوا فيها ذكرنا، فكيف تطيب النفس بدين (3) يستوي فيه الشريف والوضيع؟ فلما قدموا المدينة قال من يراهم (4) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء، لهم شعور (5) وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله تلقاء المشرق، فهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بمنعهم (6)، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: دعوهم، فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى، فقال: عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فقال أحدهم بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر بل ثالث ثلاثة: أب، وابن، وروح قدس، وقد سمعنا (7) في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا، وجعلنا، وخلقنا، ولو كان واحدا لقال: خلقت وجعلت، وفعلت، فتغشى النبي صلى الله عليه وآله الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران (8) إلى قوله رأس الستين منها: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " الآية (9)، فقص عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله القصة وتلا عليهم القرآن، فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم.
وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله قد أمرني بمباهلتكم، إذا كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بمن يباهلنا غدا؟ بكثرة أتباعه