أحدا قرأ على أصحابه ما نزل عليه في تلك الليلة فلما صلى الصبح جلسوا بين يديه فقال له الأسقف: يا أبا القاسم فذاك موسى من أبوه؟ قال: عمران، قال: فيوسف من أبوه؟
قال: يعقوب، قال: فأنت فداك أبي وأمي من أبوك؟ قال: عبد الله بن عبد المطلب قال: فعيسى من أبوه؟ قال: فسكت النبي صلى الله عليه وآله، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وما احتاج إلى (1) شئ من المنطق فينقض عليه جبرئيل عليه السلام من السماء السابعة فيصل له منطقه في أسرع من طرفة العين، فذاك قول الله تعالى: " وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر (2) " قال: فجاء جبرئيل عليه السلام فقال: هو روح الله وكلمته، فقال له الأسقف: يكون روح بلا جسد؟ قال: فسكت النبي صلى الله عليه وآله، قال: فأوحي إليه:
" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " قال فنزا الأسقف نزوة إعظاما لعيسى أن يقال له، من تراب. ثم قال: ما نجد هذا يا محمد في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور، ولا تجد هذا عندك (3)، قال: فأوحى الله إليه: " قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " فقالوا: أنصفتنا يا أبا القاسم، فمتى موعدك؟ قال: بالغداة إنشاء الله، قال: فانصرف وهم يقولون: لا إله إلا الله ما نبالي أيهما أهلك الله: النصرانية والحنيفية (4) إذا هلكوا غدا؟ قال علي بن أبي طالب عليه السلام: فلما صلى النبي صلى الله عليه وآله الصبح أخذ بيدي فجعلني بين يديه، وأخذ فاطمة عليها السلام فجعلها خلف ظهره، وأخذ الحسن و الحسين عن يمينه وعن شماله (5)، ثم برك لهم باركا، فلما رأوه قد فعل ذلك ندموا وتؤامروا فيما بينهم وقالوا: والله إنه لنبي، ولئن باهلنا ليستجيبن (6) الله له علينا فيهلكنا ولا ينجينا شئ منه إلا أن نستقيله، قال: فأقبلوا حتى جلسوا (7) بين