اسكتي، فقد والله جاء الحق ودنت البلية.
قال: وكان قد عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم سوى نفر كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وآله، منهم مقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن خطل وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: " اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة " فأدرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا فقتله، وقتل مقيس بن صبابة في السوق، وقتل علي عليه السلام إحدى القينتين، وأفلتت الأخرى، وقتل عليه السلام أيضا الحويرث بن نفيل بن كعب (1) وبلغه أن أم هانئ (2) بنت أبي طالب قد آوت ناسا من بني مخزوم، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب (3) فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد فنادى: أخرجوا من آويتم، فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفا منه، فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه، فقالت: يا عبد الله أنا أم هانئ بنت عم رسول الله، وأخت علي بن أبي طالب، انصرف عن داري فقال علي: أخرجوهم، فقالت: والله لأشكونك إلى رسول الله، فنزع المغفر عن رأسه فعرفته، فجاءت تشتد حتى التزمته، فقالت: فديتك حلفت لأشكونك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لها: فاذهبي فبري قسمك، فإنه بأعلى الوادي، قالت أم هانئ: فجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في قبة يغتسل، وفاطمة عليها السلام يستره، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله كلامي قال: " مرحبا بك يا أم هانئ " قلت: بأبي و أمي ما لقيت من علي اليوم؟ فقال صلى الله عليه وآله: " قد أجرت من أجرت " فقالت فاطمة:
إنما جئت يا أم هانئ تشكين عليا (4) في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله؟