يروي هجاء رسول الله، فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا (1)، قال: وما أنت و ذاك؟ فقال: لئن أعدت لأكسرن فاك، فأعادها فرفع الخزاعي يده فضرب بها فاه فاستنصر الكناني قومه، والخزاعي قومه وكانت كنانة أكثر فضربوهم حتى أدخلوهم الحرم، وقتلوا منهم، وأعانهم قريش بالكراع والسلاح، فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله فخبره الخبر وقال: أبيات شعر منها:
لأهم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك المؤكدا وقتلونا ركعا وسجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حسبك يا عمرو " ثم قام فدخل دار ميمونة وقال:
اسكبوا لي ماء، فجعل يغتسل ويقول: " لا نصرت إن لم أنصر بني كعب " ثم أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله على المسير إلى مكة وقال: اللهم خذ العيون عن قريش حتى نأتيها في بلادها، فكتب حاطب بن أبي بلتعة مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش: إن رسول الله خارج إليكم يوم كذا وكذا، فخرجت وتركت الطريق، ثم أخذت ذات اليسار في الحرة، فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبره، فدعا عليا عليه السلام والزبير فقال لهما أدركاها، وخذا منها الكتاب، فخرج علي والزبير لا يلقيان أحدا حتى وردا ذا الحليفة وكان النبي صلى الله عليه وآله وضع حرسا على المدينة، وكان على الحرس حارثة بن النعمان فأتيا الحرس فسألاهم، فقالوا: ما مر بنا أحد، ثم استقبلا حطابا فسألاه فقال:
رأيت امرأة سوداء انحدرت من الحرة، فأدركاها فأخذ علي منها الكتاب، وردها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فدعا حاطبا فقال له: انظر ما صنعت، قال: أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما شككت، ولكني رجل ليس لي بمكة عشيرة (2) ولي بها أهل فأردت أن أتخذ عندهم يدا ليحفظوني فيهم، فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فوالله لقد نافق، فقال صلى الله عليه وآله: " إنه من أهل بدر ولعل الله اطلع عليهم