بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٦
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في الغرر والدرر: فيه وجوه أولها أن يريد بذلك أنه تعالى يحول بين المرء وبين الانتفاع بقلبه بالموت وهذا حث منه عز وجل على الطاعات والمبادرة لها قبل الفوت.
وثانيها أنه يحول بين المرء وقلبه بإزالة عقله وإبطال تميزه وإن كان حيا، وقد يقال لمن فقد عقله وسلب تمييزه: إنه بغير قلب، قال تعالى: " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ". (1) وثالثها أن يكون المعنى المبالغة في الاخبار عن قربه من عباده وعلمه بما يبطنون ويخفون وأن الضمائر المكنونة له ظاهرة، والخفايا المستورة لعلمه بادية، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى: " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " (2) ونحن نعلم أنه تعالى لم يرد قرب المسافة بل المعنى الذي ذكرناه، وإذا كان جل وعز هو أعلم بما في قلوبنا منا وكان ما نعلمه أيضا يجوز أن ننساه ونسهو عنه ونضل عن علمه، وكل ذلك لا يجوز عليه جاز أن يقول أنه يحول بيننا وبين قلوبنا لأنه معلوم في الشاهد أن كل شئ يحول بين شيئين فهو أقرب إليهما، (3) والعرب تضع كثيرا لفظة القرب على غير معنى المسافة، فيقول: فلان أقرب إلى قلبي من فلان.
ورابعها ما أجاب به بعضهم من أن المؤمنين كانوا يفكرون في كثرة عدوهم وقلة عددهم فيدخل قلوبهم الخوف فأعلمهم تعالى أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبد له بالخوف الامن، ويبدل عدوهم بظنهم أنهم قادرون عليهم الجبن والخور. (4) ويمكن في الآية وجه خامس وهو أن يكون المراد أنه تعالى يحول بين المرء وبين ما يدعوه إليه قلبه من القبائح بالأمر والنهي والوعد والوعيد انتهى.
أقول: يمكن أن تكون الحيلولة بالهدايات والالطاف الخاصة زائدا على

(١) ق: ٣٧.
(٢) ق: ١٦ (3) في المصدر بعد ذلك: ولما أراد الله تعالى المبالغة في وصف القرب خاطبنا بما نعرف ونألف; وإن كان القرب الذي عناه جلت عظمته لم يرد به المسافة اه‍.
(4) الخور بالخاء والواو المفتوحتين: الضعف.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331