الخلافة [بعدي] (1) ثلاثون سنة، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، فكان لا يجد بدا من قوله: بلى، فكنت تقول له حينئذ: أليس كما علم رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن الخلافة من بعده لأبي بكر، علم أنها من بعد أبي بكر (2) لعمر، ومن بعد عمر لعثمان، ومن بعد عثمان لعلي، فكان أيضا لا يجد بدا من قوله: نعم.
ثم كنت تقول [له] (3): فكان الواجب على رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم، وتخصيصه أبا بكر (من بينهم) (4) باخراجه مع نفسه دونهم.
ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل: بل أسلما طمعا؟ وذلك أنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال، من قصة محمد - صلى الله عليه وآله - ومن عواقب أمره، وكانت اليهود تذكر أن لمحمد صلى الله عليه وآله - تسلطا على العرب، كما كان لبخت نصر على بني إسرائيل، غير أنه كاذب في دعواه [انه نبي] (5)، فأتيا محمدا - صلى الله عليه وآله - فساعداه على قول شهادة أن لا إله إلا الله وتابعاه طمعا في أن ينال كل واحد