تخشى الفوت فتعجل بالعقوبة؟! فما برح برخ حتى (أفاضت وخاضت) (1) بنو إسرائيل بالقطر.
قال: فلما رجع برخ استقبل موسى عليه السلام، فقال: كيف رأيت حين خاصمت ربي، كيف أنصفني؟ (2) رجعنا إلى أخبار الصابرات:
وروي: أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما جاءها خبر ولدها - محمد بن أبي بكر - أنه قتل وأحرق بالنار في جيفة حمار، قامت إلى مسجدها، فجلست فيه، وكظمت الغيظ حتى تشخب ثديها دما (3).
وروي عن حمنة (4) بنت جحش رضي الله عنها: أنها قيل لها: قتل أخوك، قالت: رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، قالوا: وقتل زوجك، قالت: واحزناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشئ) (5).
وروي: أن صفية بنت عبد المطلب أقبلت لتنظر إلى أخيها لأبويها - حمزة بن عبد المطلب - بأحد، وقد مثل به، فقال النبي صلى الله عليه وآله لابنها الزبير: (إلقها فأرجعها لا ترى ما بأخيها) فقال لها: يا أماه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن ترجعي، قالت: ولم، وقد بلغني أنه قد مثل بأخي؟ وذلك في الله عز وجل، فما أرضانا بما كان من ذلك! فلأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله.
فلما جاء الزبير إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بقولها، فقال له: (خل سبيلها) فأتته، ونظرت إليه، وصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له (6).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما قتل حمزة رضي الله عنه يوم أحد، أقبلت صفيه تطلبه، لا تدري ما صنع به، قال: فلقيت عليا والزبير، فقال علي عليه السلام للزبير: (أذكر لامك) فقال الزبير: لا، بل اذكر أنت لعمتك، قالت: ما فعل حمزة؟
فأرياها أنهما لا يدريان، قال: فجاءت النبي صلى الله عليه وآله فقال: (إني أخاف