مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٥
قال: يا رب كان يعدل هذا عندي ملء الأرض ذهبا، قال فلك عندي يوم القيامة ملء الأرض ثوابا (1).
لقد ذهب الرسول الأعظم إلى أكثر من ذلك بقوله:... إني مكاثر بكم الأمم حتى أن السقط ليظل محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أنا وأبواي؟ فيقال: أنت وأبواك (2).
وقد وردت الروايات الكثيرة بتقديم التعازي لصاحب المصيبة ليخفف عنه هول المصاب، فعن ابن مسعود عن النبي، قال صلى الله عليه وآله: من عزى مصابا فله مثل أجره (3).
وعن أبي برزة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة (4).
هذا، وإن البكاء على الميت لا يقل من الأجر ولا يضر بالثواب، فإن أول من بكى آدم على ولده هابيل ورثاه بأبيات مشهورة وحزن عليه حزنا كثيرا، وحال يعقوب أشهر من أن يذكر فقد ابيضت عيناه من الحزن على يوسف وبكى عليه كثيرا.
وأما سيدنا ومولانا علي بن الحسين عليه السلام فقد بكى على أبيه أربعين سنة صائما نهاره قائما ليله، فإذا حضر الإفطار جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه، ويقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله جائعا، قتل ابن رسول الله عطشانا، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل (5).
ولذا قال رسول الله (ص): تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب (6).
ومن الذين أبلوا بلاء حسنا في الصبر عند فقد الأحبة والأولاد أبو ذر الغفاري

١ - رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر ١: ٢٨٧، والسيوطي في الدر المنثور ٥: ٣٠٦ باختلاف في ألفاظه.
٢ - رواه السيوطي في الجامع الصغير ٢: ٥٥ / ٤٧٢٤. والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٦: ٣٩٠ عن ابن عباس.
٣ - الجامع الكبير ١: ٨٠١.
٤ - سنن الترمذي ٢: ٢٦٩ / ١٠٨٢.
٥ - اللهوف في قتلى الطفوف: ٨٧.
٦ - سنن ابن ماجة ١: ٥٠٦ / ١٥٨٩، ومنتخب كنز العمال ٦: ٢٦٥.
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116