والجلد، فألف كتابه (مسكن الفؤاد) وقلبه يقطر ألما وحسرة وهو يرى أولاده أزهارا يانعة تقطف أمام عينيه.
يقول رضوان الله عليه في مقدمة كتابه المذكور: (فلما كان الموت هو الحادث العظيم، والأمر الذي هو على تفريق الأحبة مقيم، وكان فراق المحبوب يعد من أعظم المصائب، حتى يكاد يزيغ له قلب ذي العقل، والموسوم بالحدس الصائب، خصوصا ومن أعظم الأحباب الولد، الذي هو مهجة الألباب، ولهذا رتب على فراقه جزيل الثواب، ووعد أبواه شفاعته فيهما يوم المآب.
فلذلك جمعت في هذه الرسالة جملة من الآثار النبوية، وأحوال أهل الكمالات العلية، ونبذة من التنبيهات الجلية، ما ينجلي به - إن شاء الله تعالى الصدأ عن قلوب المحزونين، وتنكشف به الغمة عن المكروبين، بل تبتهج به نفوس العارفين، ويستيقظ من اعتبره من سنة الغافلين، وسميتها (مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد) ورتبتها على مقدمة، وأبواب، وخاتمة) (1).
ويمتاز كتاب (مسكن الفؤاد) - على صغر حجمه - بخصوصية موضوعه، مما جعله مرجعا يعتمد عليه في بابه، فقد ركن إليه جمع من أصحاب الموسوعات الروائية كالعلامة المجلسي في بحار الأنوار، والشيخ الحر في الجواهر السنية والشيخ النوري في مستدرك الوسائل، وغيرهم.
يقول العلامة المجلسي في بحار الأنوار، في بيان الأصول والكتب المأخوذة منها:
(... وكتاب مسكن الفؤاد... للشهيد الثاني رفع الله درجته) (2).
وقال الشيخ الحر في مقدمة كتابه الجواهر السنية: (ونقلت الأحاديث المودعة فيه من كتب صحيحة معتبرة، وأصول معتمدة محررة) (3) وكتابنا أحد هذه الكتب الصحيحة المعتبرة...
وقال السيد الخونساري في معرض حديثه عن كتاب مسكن الفؤاد: (وإن لكتابه هذا فوائد جمة، وأحاديث نادرة، ولطائف عرفانية قل ما يوجد نظيرها في