بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي قضى بالفناء والزوال على جميع عباده، وأنفذ أمره فيهم على وفق حكمته ومراده، ووعد الصابرين على قضائه جميل ثوابه وإسعاده، وأوعد الساخطين جزيل نكاله وشديد وباله في معاده، ولذذ قلوب العارفين بتدبيره، فبهجة نفوسه في تسليمها لقياده، هذا مع عجز كل منهم عن دفاع ما أمضاه وإن تمادى الجاهل في عناده. فإياه - سبحانه - أحمد على كل حال، وأسأله الإمداد بتوفيقه وإرشاده.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أستدفع بها الأهوال في ضيق المحشر ووهاده (1)، وأشهد أن محمد صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، أفضل من بشر وحذر، وأعظم من رضي بالقضاء وصبر، وخدم به سلطان معاده، صلى الله عليه وعلى آله الأخيار، أعظم الخلق بلاء، وأشدهم عناء، وأسدهم تسليما ورضاء، صلاة دائمة واصلة إلى كل واحد بانفراده.
وبعد: فلما كان الموت هو الحادث العظيم، والأمر الذي هو على تفريق الأحبة مقيم، وكان فراق المحبوب يعد من أعظم المصائب، حتى يكاد يزيغ له قلب ذي العقل (2)، والموسوم بالحدس (3) الصائب، خصوصا ومن أعظم الأحباب الولد، الذي هو