فإذا بهم الشصائب 1 والنقم واخذ من جميعهم بالكظم تلافى الله دينه وراش 2 عباده من بعدما قنطوا برجل من ذرية نبيهم احمد ونجله، يأتي الله عز وجل به من حيث لا يشعرون، وتصلى عليه السماوات وسكانها وتفرح به الأرض وما عليها من سوام 3 وطائر وأنام، وتخرج له أمكم - يعنى الأرض - بركتها وزينتها وتلقى إليه كنوزها وأفلاذ كبدها، حتى تعود كهيئتها على عهد آدم عليه السلام، وترفع عنهم المسكنة والعاهات في عهده والنقمات التي كانت تضرب بها الأمم من قبل، وتلقى في البلاد الامنة وتنزع حمة كل ذات حمة، ومخلب كل ذي مخلب، وناب كل ذي ناب، حتى أن الجويرية اللكاع لتعب بالافعوان 4، فلا يضرها شيئا، وحتى يكون الأسد في الباقر 5 كأنه راعيها، والذئب في البهم 6 كأنه ربها.
ويظهر الله عبده على الدين كله فيملك مقاليد الأقاليم إلى بيضاء الصين 7، حتى لا يكون على عهده في الأرض أجمعها الا دين الله الحق ارتضاه لعباده وبعث به آدم بديع فطرته واحمد خاتم رسالته ومن بينهما من أنبيائه ورسله.
فلما أتى العاقب على اقتصاصه هذا أقبل عليه حارثة مجيبا فقال: اشهد بالله البديع يا أيها النبيه الخطير والعليم الأثير لقد ابتسم الحق بقلبك وأشرق الجنان بعدل منطقك وتنزلت كتب الله التي جعلها نورا في بلاده وشاهدة على عباده بما اقتصصت من سطورها حقا، فلم يخالف طرس 8 منها طرسا ولا رسم من آياتها رسما فما بعد هذا.
قال العاقب: فإنك زعمت زعمة أخا قريش 9 فكنت بما تأثر من هذا حق غالط،