تتهافت دخولا في دينكم، ثم لتعظمن بيعتكم هذه، ولتشرفن، حتى تصير كالكعبة المحجوجة 1 بتهامة، هذا الرأي فانتهزوه 2، فلا رأى لكم بعده.
فاعجب القوم كلام جهير بن سراقة، ووقع منهم كل موقع، فكاد أن يتفرقوا على العمل به، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بنى قيس بن ثعلبة، يدعى حارثة بن أثال على دين المسيح عليه السلام، فقام حارثة على قدميه واقبل على جهير، وقال متمثلا:
متى ما تقد بالباطل الحق بابه * وان قلت بالحق الرواسي ينقد إذا ما أتيت الأمر من غير بابه * ضللت وان تقصد إلى الباب تهتد ثم استقبل السيد والعاقب والقسيسين والرهبان وكافة نصارى نجران بوجهه لم تخلط معهم غيرهم، فقال 3: سمعا سمعا يا أبناء الحكمة وبقايا حملة الحجة، ان السعيد والله من نفعته الموعظة ولم يعش 4 عن التذكرة، ألا وانى أنذركم وأذكركم قول مسيح الله عز وجل - ثم شرح وصيته ونصه على وصيه شمعون بن يوحنا وما يحدث على أمته من الافتراق.
ثم ذكر عيسى عليه السلام وقال: ان الله جل جلاله أوحى إليه: فخذ يا بن أمتي كتابي بقوة ثم فسره لأهل سوريا بلسانهم، وأخبرهم انى انا الله لا اله الا انا، الحي القيوم البديع الدائم الذي لا أحول ولا أزول، انى بعثت رسلي ونزلت كتبي رحمة ونورا عصمة لخلقي، ثم انى باعث بذلك نجيب رسالتي، احمد صفوتي من بريتي البار قليطا عبدي أرسله في خلو من الزمان، ابعثه بمولده فاران من مقام أبيه إبراهيم عليه السلام، انزل عليه توراة حديثة، افتح بها أعينا عميا، واذنا صما، وقلوبا غلفا 5، طوبى لمن شهد أيامه وسمع كلامه، فامن به واتبع النور الذي جاء به، فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النبي