لقومهم، ونكص 1 من تكلم منهم بالاسلام ارتدادا.
فخاضوا وأفاضوا في ذكر المسير بنفسهم وجمعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والنزول به بيثرب لمناجزته 2، فلما رأى أبو حامد حصين بن علقمة - أسقفهم الأول وصاحب مدارسهم وعلامهم، وكان رجلا من بنى بكر بن وائل - ما أزمع 3 القوم عليه من اطلاق الحرب، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه، وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة.
ثم قام فيهم خطيبا معتمدا على عصى وكانت فيه بقية وله رأى وروية وكان موحدا يؤمن بالمسيح وبالنبي عليهما السلام ويكتم ذلك من كفرة قومه وأصحابه.
فقال: مهلا بنى عبد المدان مهلا، استديموا العافية والسعادة، فإنهما مطويان في الهوادة 4، دبوا 5 إلى قوم في هذا الأمر دبيب الزور، وإياكم والسورة العجلي، فان البديهة بها لا ينجب 6، انكم والله على فعل ما لم تفعلوا أقدر منكم على رد ما فعلتم، الا ان النجاة مقرونة بالأناة، الإرب احجام 7 أفضل من اقدام، وكائن من قول أبلغ من وصوله.
ثم أمسك، فأقبل عليه كرز بن سبرة الحارثي، وكان يومئذ زعيم بنى الحارث بن كعب، وفى بيت شرفهم، والمعصب فيهم وأمير حروبهم، فقال: لقد انتفخ 8 سحرك واستطير قلبك أبا حارثة، فضلت كالمسبوع النزاعة الهلوع 9، تضرب لنا الأمثال وتخوفنا النزال 10، لقد علمت وحق المنان بفضيلة الحفاظ بالنوء باللعب، وهو عظيم، وتلقح 11 الحرب وهي عقيم تثقف أورد الملك الجبار ولنحن أركان الرايس وذى المنار الذين