الظاهر يظهر على جميع الملكات والأديان، ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار، وذلك يا حار أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل، فتمسك من دينك بما تعلم وتمنع لله أبوك من أنس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان، فإنما نحن ليومنا ولغد أهله.
فأجابه حارثة بن أثال فقال: أيها 1 عليك أبا قرة، فإنه لاحظ في يومه لمن لأدرك له في غده، واتق الله تجد الله جل وتعالى بحيث لا مفزع الا إليه، وعرضت مشيدا بذكر أبى واثلة، فهو العزيز المطاع الرحب الباع، واليكما معا ملقى 2 الرحال، فلو أضربت التذكرة عن أحد لتبزين 3 فضل لكنتماه، لكنها ابكارا لكلام 4 تهدى لأربابها، ونصيحة كنتما أحق من أصغى بها، إنكما مليكا ثمرات قلوبنا، ووليا طاعتنا في ديننا.
فالكيس الكيس يا أيها المعظمان عليكما به، أريا مقاما يذهكما نواحيه واهجر سنته التسويف 5 فيما أنتما بعرضة، آثر الله فيما كان يؤثركما بالمزيد من فضله، ولا تخلدا فيما أظلكما إلى الونيه 6، فإنه من أطال 7 عنان الأمر أهلكته الغرة، ومن اقتعد مطية الحذر كان سبيل أمن من المتألف، ومن استنصح عقله كانت العبرة له لا به، ومن نصح لله عز وجل انسه الله جل وتعالى بعز الحياة وسعادة المنقلب.
ثم أقبل على العاقب معاتبا فقال: وزعمت أبا واثلة ان راد ما قلت أكثر من قائله، وأنت لعمرو الله حرى الا يؤثر هذا عنك، فقد علمت وعلمنا أمة الإنجيل معا بسيرة ما قام به المسيح عليه السلام في حواريه، ومن آمن له من قومه، وهذه منك فقهة 8 لا يدحضها 9 الا التوبة والاقرار بما سبق به الانكار.