والثالث: أن يكون اللفظ عموما والمراد به الخصوص، وهذا في العرف كثير.
وأما قوله: ﴿فسئلوا أهل الذكر﴾ (١) فان الله لما احتج لنبيه بالبراهين المعجزة، ورأي قومه ومن حسده على نعمة الله عنده من عشيرته يميلون إلى أهل الكتاب، ويعدلونهم عليه وعلى أنفسهم، ويعتمدون في الاحتجاج لباطلهم على جحدهم إياه، أراد أن يدلهم على صدقه باقرار عدوه، ومن أعظم استدلالا من الذي استشهد عدوه، ويحتج باقراره له، وانقياده إياه.
ثم إن في التوراة والإنجيل صفات محمد صلى الله عليه وآله وكل من أنصف منهم شهد له بذلك.
فصل وقالوا: كيف تدعون أن جميع أخبار محمد عن الغيب وقع صدقا وعدلا وحقا وقد وجدنا بعضها بخلافه، لان محمدا قال: " إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " (٢) وقد وجدنا بعده قياصر كثيرة، وأملاكهم ثابتة.
وقال أيضا: " شهرا عيد لا ينقصان " وقد وجدنا الامر بخلاف ذلك كثيرا.
وقد قال: " ما ينقص مال من صدقة " (٣) وقد وجدناه ينقص من حسابها.
وقال: " إن يوسف أعطي نصف الحسن (٤) " ثم قال الله في قصة إخوانه لما دخلوا عليه: ﴿فعرفهم وهم له منكرون﴾ (5) ومن كان في حسنه باينا بهذه البينونة العظمى، كيف يخفى أمره؟