والثالث: أن يكون معناه: لا ينقص أجر من صامهما، وإن كان في العدد نقصان لان الشهر الهلالي ربما كمل وربما نقص.
وعلى أي هذه الوجوه حملته لم يكن في خبره خلف ولا كذب.
وأما خبر الزكاة فلان من تصرف فيه بالتجارة استفاد من ثوابه أكثر مما تصدق به، فكأنه لم ينتقص من المال شئ، ثم إن المال الذي زكى منه يكون له بركة.
وأما تأويل خبر يوسف، فقد قيل: " إن الله أعطى يوسف نصف حسن آدم " أفلم يقع فيه التفاوت الشديد، وقد كانوا فارقوه طفلا ورأوه كهلا، ودفعوه أسيرا ذليلا، ورأوه ملكا عزيزا؟ وبأقل هذه المدة، واختلاف هذه الأحوال، تتغير فيها الخلق، وتختلف المناظر، فما فيه تناقض.
على أن الله ربما يرى المصالح أن يشتبه شئ على إنسان، فيعرفه جملة ولا يعرفه تفصيلا، ويحتمل أن يكون معنى قوله: ﴿وهم له منكرون﴾ (1) أي مظهرون لانكاره، عارفون به.
وأما ما قالوا من قتل عيسى وصلبه، فقد قال نبينا صلى الله عليه وآله حين أخبر: أنه شبه عليهم وروى القوم أنه قتل وصلب، فقد جمعنا بين خبرين لان إسقاط أحدهما لا يصح واستعمالهما ممكن، وهو أن نقلهم عن مشاهدة صلب مصلوب يشبه عيسى صحيح لا خلف فيه، ولكن لما كان الصادق أخبرنا أن الذي رأوه كان جسما القي عليه شبه عيسى، فقلنا: نجمع بين تواترهم وخبر نبينا، قد قامت دلالة صحتهما.
فنقول: إن ما تقولوا من مشاهدة الجسم الذي كان في صورة المسيح مصلوبا صحيح، وأما أنهم ظنوا انه المسيح - وكان رجلا القي عليه شبه المسيح - فلأجل خبر الصادق به، على أن خبر النصارى يرجع إلى أربعة نفر لا عصمة لهم.