المعجزات قبل أن يجوب البلاد، فليس يحتاج في معرفة كون الجاذب معجزا إلى ما ذكر من معرفة قوى الخلق وطبائع الجواهر.
ولهذا لو ادعى واحد النبوة، وجذب بالتراب الجبل، علمنا أنه ليس فيه وجه حيلة وإنا نعلم بذلك صدقه، قبل أن نجوب البلاد ونعرف جميع الطبائع.
وقال أبو إسحاق: إن جميع ما يذكر في خصائص الأحجار أكثره كذب، وذكر أن واحدا أمر أن يجئ بالأفاعي في سبد (1) وجعل الزمرد الفائق في رأس قصبة، ووجه به عين الأفاعي، فلم تسل.
ثم إن جميع ما ذكره يسقط بما شرطناه في المعجزات، ونقش عند أهل البصر.
ومن تقوى دواعيه إلى كشف عوارة الزمان الطويل، فلا يوقف منه على وجه حيلة - فيما ذكروه ما هو معناه ظاهر لأكثر الناس، كحجر المغناطيس - أو يوقف فيه على وجهه.
فصل وربما يقول المنكرون لمعجزات النبي والأئمة، عليهم أفضل الصلوات والتحية: إن الاخبار التي يذكرون والأحاديث التي يعولون عليها في معجزاتهم ويصولون بها، إنما رواها الواحد والاثنان، ومثل ذلك لا يمكن القطع عليه بعينه والحكم بصحته، وأمر المعجزات أمر خارج عن العادات يجب أن يكون معلوما متيقنا غير مظنون متوهم.
والجواب عن ذلك: أن أخبارنا في معجزات النبي والأئمة صلوات الله عليهم جاءت من طرق مختلفة، ومواضع متفرقة، ومظان متباعدة، وفرق مخالفة وموافقة في زمان بعد زمان، وقرن بعد قرن، ولذلك كررنا المعجزات من جنس واحد من