من أتى عرافا أو كاهنا فآمن بما قال، فقد كفر بما انزل على محمد. (١) وقد علمنا أن الاخبار عن الغيوب على التفصيل - من حيث لا يقع فيه خلاف بقليل ولا بكثير، من غير استعانة على ذلك بآلة وحساب وتقويم كوكب وطالع، أو على التنجيم (٢) الذي يخطئ مرة ويصيب مرة - لا يمكن إلا من ذي معجزة مخصوصة قد خصه الله تعالى بها بالهام من عنده أو أمر يكون ناقضا للعادة الجارية في معرفة مثلها، إظهارا لصدق من يظهرها عليه وعلامة له.
فصل واعلم أن ما تضمنه القرآن أو الأحاديث الصحيحة من الاخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة: فأما الماضية فكالاخبار عن أقاصيص الأولين والآخرين من غير تعلم من الكتب المتقدمة، على ما ذكرنا.
وأما المستقبلة فكالاخبار عما يكون من الكائنات، فكان كما اخبر عنها على الوجه الذي اخبر عنها على التفصيل، من غير تعلق (٣) بما يستعان به على ذلك، من تلقين ملقن أو إرشاد مرشد، أو حكم بتقويم، أو رجوع إلى حساب كالكسوف والخسوف، ومن غير اعتماد على إسطرلاب وطالع.
وذلك كقوله تعالى: ﴿ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ (٤).
وكقوله تعالى: ﴿من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين﴾ (5).