واليهود والنصارى كانوا أهل الأقاصيص، وكان من الواجب أن يعرفوها منهم وفعلوها (1) معارضة، وحاولوا ذلك، فعجزوا عنه. (2) فصل فان قيل: لا يجوز أن يكون القرآن معجزا دالا على نبوته من حيث أنه ناقض العادة، فلا يمتنع أن يكون العرب أفصح الناس، وفيهم (3) جماعة أفصح العرب وفي تلك الجماعة واحد هو أفصح منهم، فإذا أتى بكلام لا يمكنهم أن يأتوا بمثله لا يدل على نبوته.
قلنا: هذا لا يصح، لأنه لا يجوز أن يبلغ كلام ذلك الواحد في الفصاحة إلى حد لا يمكنهم أن يأتوا بمثله، ولا بما يقاربه.
فإذا أتى بكلام مختص بالفصاحة لا يمكنهم أن يأتوا بمثله، ولا بما يقاربه، يوجب أن يكون معجزا.
فمثالهم: لا يصح، ولو اتفق، لكان دليلا على صدقه.
فان قيل: لو كان القرآن معجزا لكان نبيا مبعوثا إلى العرب والعجم، وكان يجب أن يعلم سائر الناس إعجاز القرآن من حيث الفصاحة، والعجم لا يمكنهم ذلك؟
قلنا: هذا لا يصح لان الفصاحة ليست مقصورة على بعض اللغات، والعجم يمكنهم أن يعرفوا ذلك على سبيل الجملة، إذ أمكن أن يعرفوا (4) بالاخبار المتواترة أن محمدا صلى الله عليه وآله كان ظهر عليه القرآن، وتحدى به العرب، وعجزوا أن يأتوا بمثله فيجب أن يكون القرآن معجزا دالا على نبوته.