مفاسد الكلام فارجع إلى ما ذكرناه في باب الصمت من كتاب الكفر والإيمان.
(ثم قال: بينا موسى بن عمران يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه) أصل «بينا» بين فأشبعت الفتحة فصارت ألفا.
(فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى قل له لا تشق قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك) شرح زيد صدره للحق أي فسحه ووسعه لقبوله وتعديته بعن لتضمين معنى الكشف أي كاشفا عن قلبك برفع ما يواريه ويغطيه من موانع دخول الحق فيه، وفي القاموس شرح كمنع: كشف، وحينئذ لا حاجة إلى التضمين وفيه تنبيه على أنه ينبغي من تطهير القلب وتنزيهه عن الرذائل ليستعد بذلك لقبول الحق وتحصيل الفضائل وإلا فلا ينفع الصياح والبكاء وأعمال الجوارح وشق القميص ونحو ذلك كما قيل بالفارسية:
جان پار ساز جامه دريدن چه فايده * از خود ببر زغير بريدن چه فائده (حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب) الموصول الثاني عبارة عن المحبة أو تطهير القلب أو تطهير الظاهر والباطن جميعا أو الأعم وكأن ذلك الساجد كان منافقا في دين موسى (عليه السلام) وهكذا يفعل الله تعالى ببعض عباده إما من باب اللطف والتنبيه ليرجع ويتوب أو من باب الغضب وليس المراد أنه يفعله بالجميع كذلك، فلا ينافي ما مر في باب الدعاء من أنه تعالى قد يقبل دعاء الفسقة سريعا لكراهة سماع صوته.