شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٨٩
من المنهي عنه للتحرز عن العقوبة ودفع الضرر عن النفس بخلاف الحب فإنه يقتضي ما ذكر لمجرد رضائه تعالى وطلب التقرب منه والفضل بينهما ظاهر، أو أن حقيقة الحب تقتضي الميل إليه والتوصل به، وحقيقة الخوف وإن كان درجة عظيمة تقتضي الوحشة والفرار وبينهما بون بعيد وإن مقام المحبة أعلى من مقام الخوف لأن الخوف حالة نفسانية تحصل من معرفته تعالى ومعرفة جلاله وعظمته وكبريائه وغنائه عن الخلق ومعرفة قهره وغضبه وكمال قدرته عليهم وعدم مبالاته بتعذيبهم وتأديبهم وإهلاكهم ومعرفة عيوب نفسه وتقصيره في الطاعات والأخلاق والآداب ومعرفة أمر الآخرة وشدائدها وكلما زادت تلك المعارف زاد الخوف فيؤثر ذلك في القلب والجوارح تأثيرا عظيما فيميل القلب إلى ترك الشهوات والندامة على الزلات والعزم على الخيرات ويحترز من الرذائل كلها ويشتغل الجوارح بوظايفها فيحصل بترك الشهوات العفة والزهد وبترك المحرمات التقوى وبترك مالا يعني الورع والصدق والإخلاص ودوام الذكر والفكر حتى يترقى منها إلى مقام المحبة فلا يرى لنفسه إرادة ولا مراد أو يحب كل ما يرد عليه منه ولا يراه ثقيلا على نفسه بل يراه محبوبا مرغوبا يلتذ به أشد التذاذ لمجيئه من جانب المحبوب ويعده تحفة وهدية منه.
(ثم قال والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا) لعل السر فيه أن حبه تعالى يستلزم الميل إليه والتوصل به والتقرب منه بكل القربات وحب الدنيا والميل إليها والركون إلى زهراتها وغفلاتها والتولي بغير أئمة الهداة الهادية إلى القربات الداعية إلى الخيرات تنافي جميع ما يستلزم الحب، وما ينافي لازم الشئ ينافي ذلك الشئ بالضرورة فلا يجامع حب الدنيا وولاية غير الأئمة حب الله أبدا.
(ومن عرف حقنا) وهو الولاية والإمامة ووجوب الطاعة. (وأحبنا فقد أحب الله تعالى) كما نطق به صدر الآية المذكورة ولأن ذلك يوجب الإقرار بجميع ما أراده الله تعالى من عباده وأنزله إلى رسوله وهو أصل المحبة وأساسها بخلاف إنكار شيء منها خصوصا أعظمها وهو الولاية فإنه يوجب هدم أساس المحبة.
(فبكى رجل) كأنه كان من المنافقين.
(لم يشفعوا فيك) على صيغة المجهول من التشفيع أي لم تقبل شفاعتهم وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرايم.
(ثم قال يا حفص كن ذنبا ولا تكن رأسا) أي كن مرؤوسا تابعا ولا تكن رئيسا متبوعا شبههما بذنب الحيوان ورأسه، وقد روي عن أبي الحسن (عليه السلام) قال «ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرق رعاؤها بأضر في دين المسلم من الرياسة».
(يا حفص قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خاف الله كل لسانه) أي يحفظه عما لا يعني، ولا ينطق إلا بالحق، وإن شئت أن تعرف
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557