شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٩٣
من سلك سبيل المجاهدة وشرب زلال المشاهدة يأكل قليلا من خشن الطعام ويقدر على ما لم يقدر عليه شجعان الأيام وما هو إلا بقوة الله تعالى، والروائع: العجائب، والعذية بكسر العين وفتحها وسكون الذال والياء المثناة التحتانية: زرع لا يسقيه إلا المطر.
ثم أشار (عليه السلام) تأكيدا لما مر مصدرا بالقسم «والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها» وذلك لأنه (عليه السلام) كان شديد القلب عند البأس والانهزام إنما يكون بالجبن وهو كان منزها عنه.
(أما أني لا أقول أنه كان لا يجد لقد كان يجيز الرجل الواحد) أي يعطيه، من «أجازه» إذا أعطاه (بالمائة من الإبل) روي أنه (صلى الله عليه وآله) «ما سئل شيئا قط فقال لا» وحكاية جوده مشهورة، ومن طريق العامة عن أنس قال «ما سئل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا على الإسلام إلا أعطاه قال فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة».
قال المازري: معنى فأعطاه غنما بين جبلين أي غنما يملأ ما بين جبلين.
(ولقد أتاه جبرئيل (عليه السلام) بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات...) لعله كناية عن بقائه في الدنيا وتملكه ما فيها وسلطنته على أهلها فاختار الفقر والموت تواضعا لله عز وجل، وسيجئ توضيحه في حديث ابن المغيرة.
(ثم تناولني بيده) هكذا في أكثر النسخ وفي بعضها «من يناوله» وهو مرتبط بما قبله والأصل بما بعده (وقال وإن كان صاحبكم ليجلس جلسة العبد) إن مخففة، والصاحب علي (عليه السلام) والجلسة بالكسر مصدر للنوع، والمقصود أنه (عليه السلام) كان يجلس على التراب والجلود ولم يكن له بساط وفروش مزينة لا لأنه لم يجدها بل للتواضع لله عز وجل.
(ويأكل أكلة العبد) الأكلة بالضم اللقمة والقرصة والطعمة وهي ما يطعم ويؤكل والمقصود أن طعامه كان خشنا غليظا أو بلا إدام.
(وإن كان ليشتري القميص السنبلاني) وفي القاموس: قميص سنبلاني: سابغ الطول، أو منسوب إلى البلد بالروم، وسنبل ثوبه: جره من خلفه وأمامه، وسنبلان وسنبل بلدان بالروم بينهما عشرون فرسخا.
(فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كعبه حذفه) فرارا من عادة المختالين المتكبرين ومخالفة شعار المؤمنين حيث أن قميصهم كما روي إلى نصف الساق أو إلى الكعب، ومن الإسراف في الثوب بما لا حاجة إليه ومن النجاسة فإن الثوب بجره على الأرض يتلوث غالبا ومن سرعة بلاه وخرقه بجره على التراب.
(وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضا) احترز به عما إذا لم يكن في أحدهما لله رضا فإنه لا يجوز تعذيب النفس به سواء كان أشق أم أخف (إلا أخذ بأشدهما على بدنه) حملا لنفسه القدسية على الرياضة، والانحراف عن الكسل والراحة، وطلبا للأفضل كما تقرر «أفضل الأعمال أحمزها» وروي «أفضل الأعمال ما أكرهت عليه نفسك» وفيه تنبيه على أنه لابد من تذليل النفس المائلة إلى الراحة بحمل الأشق من الطاعات عليها لتعتاد في الخيرات ويسهل لها سلوك سبيل الطاعات حتى ترتقي إلى غاية الكمالات وتدرك أرفع درجة
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557