في الأسماع فهو يتصور على وجهين أحدهما أن يسمع من الملك صوتا منقطعا متميزا بالحروف والكلمات كما هو المعروف في سماعنا كلام الناس وثانيهما أن يسمع صوتا وهمهمة ودويا ولا يفهم منه ما دام باقيا شيئا فإذا زالت الهمهمة وجد قولا منزلا ملقى في الروع واقعا موقع المسموع إلا أن كيفية ذلك وصورته مما لا يعلمه إلا الله أو من يطلعه الله عليه، وهذا الحديث وأمثاله محمولة على ظواهرها، والإيمان بها واجب لا دليل عقلا ونقلا على استحالته، فلا يحملها على خلاف الظاهر إلا ضعيف النظر أعمى القلب، وقد نقل الآبي أن رجلا صالحا كان ساكنا في تونس في زاوية مسجدها وكان يقول للمؤذن أذن للصبح فإني أعرف طلوعه بنزول الملائكة ودويهم وقد نقله في مقام مدحه وذكر فضائله لا على سبيل الرد والطعن فإذا جوزوا مثل ذلك في آحاد الناس فلم ينكرون من عترة نبينا وأهل بيت العصمة عليهم السلام.
(وهو أفضل علمنا) لكثرته ولحصوله بلا واسطة بشر ولأنه لا يطلع عليه غيرهم بخلاف المفسر والمزبور فإنه كثيرا ما كان يطلع عليه خواص شيعتهم.
(ولا نبي بعد نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)) هذا يحتمل أمرين أحدهما أن يكون دفعا لتوهم النبوة، ووجه الدفع يظهر بالتأمل في النبي والمحدث والفرق بينهما وقد مر ذلك في صدر الكتاب، وثانيهما أن يكون وجها لتخصيص القذف والنقر بالذكر وبيانا لعدم احتمال السماع من الملك عيانا ومشاهدة لأن ذلك مختص بالنبي ولا نبي بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) فليتأمل.
فأما أمهات أولادهم (فهن عواهر إلى يوم القيامة) العواهر جمع عاهر وهي الزانية، وذلك لأن كلهن مال الإمام عليه السلام على المشهور بين الأصحاب أو خمسهن على قول.
(نكاح بغير ولي) وهو الإمام لأنه ولي المسلمين والمسلمات، وأولى بهم من أنفسهم فإذا لم يرض بنكاحهم بسخطه عليهم كان نكاحهم باطلا، ومن ثم ورد في بعض الأخبار أن كلهم من أولاد الزنا.
(وطلاق في غير عدة) كأنه أشار بنفي ثبوت العدة في نفس الأمر إلى عدم صحة الطلاق فيها لأن نفي اللازم دليل على نفي الملزوم، والمقصود أن طلاقهم غير صحيح لعدم اقترانه بشرايط صحته في الشريعة كما يظهر لمن رجع إلى أصولهم وفروعهم فيه (وأما من دخل في دعوتنا وأقر بولايتنا فقد هدم إيمانه ضلاله) وهو نكاح أمهات الأولاد والإماء المسبيات في الحروب بدون أذنهم عليهم السلام ونكاحهن أعظم أفراد ضلالة لهؤلاء ورخصته للشيعة كما نطق بها بعض الروايات.
(ويقينه شكه) في جواز نكاح مطلقاتهم فإنه يجوز للشيعة نكاحهم بناء على اعتقاد هؤلاء صحة طلاقهم وإن لم يكن صحيحا في مذهب الشيعة وقد وقعت الرخصة به أيضا في بعض الروايات والله أعلم.
(وسألت عن الزكاة فيهم فما كان من الزكوات فأنتم أحق به لأنا قد أحللنا ذلك لكم من كان منكم وأين كان) كأنه سأل هل يجوز أن نشتري منهم وفي مالهم زكاة أو خمس فأجاب (عليه السلام) بأنه يجوز، وهذا ما ذكره الأصحاب من إباحة المتاجر، أو سأل أنهم