السؤال عن عدمه قبله، ومن ثم قالوا كل ما صح أن يسأل عن وجوده بمتى صح أن يسأل عن عدمه بمتى، واللازم فيما نحن فيه باطل إذ ليس وجوده تعالى مسبوقا بالعدم، فأشار (عليه السلام) إلى أن مقولة متى لا تجري في الواجب لا وجودا ولا عدما وإنما تجري في الوجودات الحادثة.
(سبحان من لم يزل ولا يزال) أي أنزه تنزيها لمن لا يكون له زوال وانتقال من العدم إلى الوجود ولا من الوجود إلى العدم لأن قدم وجوده يتأبى عن العدم وقتا ما.
(فردا صمدا) حال عن فاعل لم يزل وحجة لعدم كون وجوده مسبوقا بالعدم إذ لو كان كذلك لاحتاج إلى الموجد ضرورة أن الشئ لا يوجد نفسه فلا يكون فردا صمدا على الإطلاق لكونه مع موجده واحتياجه إليه (لم يتخذ صاحبة ولا ولدا) لتنزهه عن الشهوة والتماثل والتعاون والفناء والحاجة إلى الولد وغير ذلك من توابع الحدوث ولواحق الإمكان.
(قال ما تقول في أصحاب النهروان فإن قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت وإن قلت أنه قتلهم باطلا فقد كفرت) كأن نافعا كان يعتقد بأن عليا (عليه السلام) كان إماما مفترض الطاعة بعد الثلاثة وبأن أهل النهروان كانوا محقين في مخالفته فأورد (عليه السلام) بأن هذين الاعتقادين متنافيان لا يجتمعان معا وذلك لأنك إن قلت إن عليا (عليه السلام) قاتلهم بحق ارتددت بتصديقك أهل النهروان كما ارتدوا وإن قلت أنه قاتلهم باطلا فقد كفرت عند الأمة بنسبة الباطل إليه (عليه السلام) والظاهر أن هذا إلزام لا مفر له عنه والله أعلم.