قوله (كان يقول ويلمه فاسقا من لا يزال مماريا) لابطال الحق وترويج الباطل والويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب والنداء طلب لاحضاره لينظروا إلى شدته ويعجبوا من فظاعته فكأنه قال يا ويل أمه احضر فهذا وقت حضورك وانما اضافه إلى الام للمتعارف وللاشعار بأنها سبب له ومصدر للخطا وضمير أمه مبهم يفسره من، وفاسقا نصبه للتميز أو الذم أو الحال عن فاعل لا يزال والمراء الجدال والتمارى والممارات المجادلة على مذهب الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتري الحالب اللبن من الضرع ليريبه ويشككه والمجادلة مذمومة إلا ما هو لاثبات الحق ورد الباطل (ويلمه فاجرا من لا يزال مخاصما) معاديا لأهل الحق مظهرا لعداوته وخصومته، والفاجر المنبعث في فعل المعاصي والفاسق المنبعث في ترك الأوامر وقد يطلق كل واحد منهما على الاخر (ويلمه آثما) من الاثم بالكسر وهو الذنب (من كسر كلامه في غير ذات الله عز وجل) أي غير خالص لذاته تعالى وإن تعلق بالعبادة لأنه أشد قبحا من اللغو.
588 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن عمارة، عن نعيم القضاعي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أصبح إبراهيم (عليه السلام) فرأى في لحيته شعرة بيضاء فقال: الحمد لله رب العالمين الذي بلغني هذا المبلغ لم أعص الله طرفة عين.
* الأصل:
589 - أبان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عمن رواه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا فدخل إبراهيم (عليه السلام) الدار فاستقبله خارجا من الدار وكان إبراهيم (عليه السلام) رجلا غيورا وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون من الرجال فأخذه بيده وقال: يا عبد الله من أدخلك داري؟ فقال: ربها أدخلنيها فقال: ربها أحق بها مني فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت ففزع إبراهيم (عليه السلام) فقال: جئتني لتسلبني روحي؟ قال: لا ولكن اتخذ الله عبدا خليلا فجئت لبشارته قال: فمن هو لعلي أخدمه حتى أموت؟
قال: أنت هو: فدخل على سارة (عليها السلام) فقال لها: إن الله تبارك وتعالى اتخذني خليلا.
* الشرح:
قوله (لما اتخذ الله إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة) قيل: الخليل من الخلة بمعنى الحاجة وسمي (عليه السلام) خليلا لأنه قصر حاجته إلى الله عز وجل، وقيل: الخلة المحبة وقيل: صفاؤها الذي يتخلل