أضاءت الأرض أو أريد بها قلوب أهل الاسلام مجازا بنور محمد (صلى الله عليه وآله) فلما قبض ظهرت ظلمة الجهل والكفر فوقع المنافقون فيها فهم لا يبصرون كما يظهر ذلك بمشاهدة حال المستوقد، ثم شبه محمدا (صلى الله عليه وآله) بالشمس ونوره بنورها في الإضاءة وشبه وصيه بالقمر ونوره بنوره في كونه مستفادا من نور النبي (صلى الله عليه وآله) ووقوعه في ظلمة جهالات المنافقين وشبهات المعاندين فقال (كما تضئ الشمس فضرب مثل محمد (صلى الله عليه وآله) الشمس) في الإضاءة (ومثل الوصي القمر) فيما ذكر (وهو قوله عز وجل (وجعل الشمس ضياء والقمر نورا) ظاهر وباطنه ما مر وقوله (وآية لهم الليل نسلخ منها النهار فإذا هم مظلمون) فيه استعارة تبعية له وجه ظاهر وتأويل اما الظاهر فتشبيه إزالة النهار عن ظلمة الليل بناء على ان الظلمة أصل والنهار طار عليها ساتر لها بكشط الجلد وازالته عن الشاة ولوجه هو ترتب أمر على أمر كترتب ظهور الليل على إزالة النهار وترتب ظهور اللحم على كشط الجلد، وأما التأويل وهو المراد هنا فتشبيه قبض محمد (صلى الله عليه وآله) وإزالة نوره عن ظلمة جهل المنافقين وعداوتهم ونفاقهم بالكشط المذكور والوجه ظهور تلك الظلمة وبروزها بعده.
(وقوله عز وجل ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) له أيضا ظاهر وتأويل مثل ما مر وأشار إلى التأويل بقوله (يعني قبض محمد (صلى الله عليه وآله) وظهرت الظلمة) ظلمة الجهل والكفر والنفاق (فلم يبصروا فضل أهل بيته) لإحاطة الظلمة بهم (وهو قوله عز وجل وان تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا دعائكم) الولاية داخلة في الهدى لأنها أعظم افراده ونفي السماع والابصار عنهم لأنهم لم يعملوا بمقتضاها فهم كالصورة المنقوشة في الجدار (يقول أنا هادي السماوات والأرض) أي أهلهما واطلاق النور على الهادي من باب الاستعارة والوجه ظاهر وحذف المفعول للدلالة على التعميم ولئلا يتوهم التخصيص بالبعض (مثل العلم الذي أعطيته - اه) تفسير لقوله مثل نوره كمشكاة وهي ما توضع فيه المصباح وهو السراج وإشارة إلى ان النور هنا مستعار للعلم وقوله (مثل المشكاة) إشارة إلى ان المثل مقدر لاحتياج التشبيه إلى تقديره والمصباح النور الذي فيه العلم، العلم بدل عن النور واطلاق المصباح على العلم استعارة إذ العلم سبب لظهور المعلومات كما أن المصباح سبب لظهور المحسوسات وقوله (المصباح في زجاجة - آه) أي في قنديل من الزجاج شبه الوصي بالزجاج في شفافيته وزهرته وبيضه وانارته وضبطه لأنوار العلوم وقوله، (كما يجعل المصباح في الزجاجة) إشارة إلى أن تلك الاستعارة تمثيلية مبتنية على تشبيه المعقول بالمحسوس لقصد الايضاح (كأنها كوكب درى) أي مضىء لامع منسوب إلى الدر في الضياء والصفاء ودري بكسر الدال وشد الياء من الدر وهو الدفع بقلب الهمزة ياء لأنه يدفع الظلام أو يدفع بعض ضوئه بعضا من كثرة لمعانه وفيه تشبيه معقول بمحسوس لزيادة الايضاح وان كان الوجه في المشبه أشد وأقوى