الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية فعمل على ما قد استبان لها ولكن له نفس واحدة، إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون ولا تقولوا خرج زيد، كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (عليهم السلام) ولو ظهر لوفي بما دعاكم إليه إنما خرج إلى السلطان مجتمع لينقضه فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم؟ إلى الرضا من آل محمد (عليه السلام) فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به، وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا مع من اجتمعت بنو فاطمة معه فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه، إذا كان رجب، فأقبلوا على اسم الله عز وجل وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضيرو إن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى لكم، كفاكم بالسفياني علامة.
* الشرح:
قوله: (عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له) برعاية أوامره ونواهيه والقيام بطاعته والفرار عن معصيته (وانظروا لأنفسكم) واختاروا من يجب عليكم طاعته بأمر الله تعالى ورسوله (فوالله إن الرجل ليكون له الغنم. انتهى) نبه بهذا التمثيل على أنه تعال لا يرضى أن يختار الخلائق لأنفسهم أميرا لعدم علمهم بصفات الإمارة بل بختار سبحانه وتعالى وهذا غاية للنظر المأمور به لأن النظر الصحيح يحكم بأنه حق لا ريب فيه (والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها) أي يجتهد بواحدة في تحصيل العلوم والتجربيات والتميز بين الحق والباطل والخير والشر (ثم كانت الأخرى باقية) مع بقاء الأولى أو عدمه (فعمل بالأخرى على ما قد استبان لها) بالأولى لأمكن له ترك العمل والتوبة من التقصير فيه في زمان الأولى توقعا لتدركهما بالثانية فالجزاء محذوف بقرينة السياق وكونه يقاتل أو يعمل بعيد.
(ولكن له نفس واحدة كما نطق به القرآن الكريم إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة) لانقطاع العمل والتوبة بعد ذهابها فوجب على كل أحد تحصيل العلم والعمل والتوبة من التقصير فيه قبل ذهابها، وإنما استثنى (عليه السلام) نقيض الشرط للدلالة على أن انتفاء الجزء في الخارج إنما هو بسبب انتفاء الشرط فيه كما هو المقرر في لو عند أرباب اللغة لا للدلالة على أن العمل بانتفاء الشرط علة للعلم بانتفاء الجزاء كما هو المقرر عند الميزان حتى يروا أن استثناء نقيض المقدم لا ينتج برفع التالي (فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم) قبل ذهابها وما هو خير لكم من الإمام العادل والعمل الصالح والتوبة من التقصير (إن أتاكم آت فانظروا أي شيء تخرجون) أمر بالنظر في السبب المجوز أو الموجب للخروج معه وهو كونه مالكا للخلافة أو مأذونا من مستحقها وإذ ليس فلا يجوز (ولا تقولوا خرج زيد) فيجوز لنا الخروج مع من يخرج من الفاطميين كاينا من كان تأسيا به وبأصحابه (فإن زيدا كان عالما بالحق) والولاية ومستحقها (