الحارث بن المغيرة قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فلم يزل يسأله حتى قال: فهلك الناس إذا! قال: إي والله يا ابن أعين فهلك الناس أجمعون قلت: من في المشرق ومن المغرب قال: إنها فتحت بضلال. إي والله لهلكوا إلا ثلاثة.
* الشرح:
قوله: (قلت: من في المشرق ومن في المغرب) كلام الحارث من باب الاستفهام دون الإنكار لأنه ثقة من الأصحاب وله مدح عظيم من أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: إنها فتحت بضلال) في عهد الخلفاء الضالة المضلة فلا يستبعد ضلالة من فيها لدخولهم في الدين الذي أخترعوه. والقول بأن النبي (صلى الله عليه وآله) فتحها حين كونهم في ضلالة فلا يستبعد رجوعهم إليها بعده لعدم استقرار الإيمان في قلوبهم محتمل بعيد. أي (والله لهلكوا إلا ثلاثة) المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي كما مر ولا حاجة إلى استثناء أهل البيت كما زعم لأن هلاك الناس بهم وبترك محبتهم فهم غير داخلين في المواضع ولا إلى استثناء من رجع عن الباطل ثانيا لأن المقصود اثبات الهلاك في الجملة وغير الثلاثة ارتدوا بعده وإن رجع قليل منهم فتاب كما مر من حديث حنان.
* الأصل:
357 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إسحاق بن يزيد، عن مهران عن أبان بن تغلب وعدة قالوا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوسا فقال (عليه السلام): لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة ويكون المرض أحب إليه من الصحة ويكون الفقر أحب إليه من الغنى فأنتم كذا؟ فقالوا: لا والله جعلنا الله فداك وسقط في أيديهم ووقع اليأس في قلوبهم فلما رأى ما داخلهم من ذلك قال: أيسر أحدكم أنه عمر ما عمر ثم يموت على غير هذا الأمر أو يموت على ما هو عليه! قالوا: بل يموت على ما هو عليه الساعة قال: فأرى الموت أحب إليكم من الحياة، ثم قال: أيسر أحدكم إن بقي ما بقي لا يصيبه شيء من هذه الأمراض والأوجاع حتى يموت على غير هذا الأمر! قالوا: لا يا ابن رسول الله، قال: فأرى المرض أحب إليكم من الصحة، ثم قال: أيسر أحدكم أن له ما طلعت عليه الشمس وهو على غير هذا الأمر؟ قالوا: لا يا ابن رسول الله، قال: فأرى الفقر أحب إليكم من الغنى.
* الشرح:
قوله: (كنا عند أبي عبد الله جلوسا) أي جالسين فهو بالضم جمع جالس كقعود جمع قاعد (فقال لا يستحق عبد حقيقة الإيمان حتى يكون الموت إليه من الحياة) أريد بحقيقة الإيمان: الإيمان الكامل بأركانه وشرايطه التي من جملتها الأعمال الصالحة أو الإيمان الثابت المستقر الذي ليس