الكفاف بالمال في النفع وتنظيم الأحوال وعده أنفع أفراده لأن الأقل أو الأكثر منه يشوش القلب ويفسده ويتعب البدن ويضر بالدين ويبطله، كما أن الماء الذي يكفي في تعمير الأرض بعمرها والأقل والأكثر منه يفسدها (ولا جهل أضر من العجب) العجب: حالة نفسانية تنشأ من تصور الكمال واستعظامه وإخراج النفس عن حد النقص والتقصير يتعلق بجميع الخصال مثل العلم والعبادة والإحسان إلى الغير وإعطاء المال، والنسب والجمال إلى غير ذلك مما لا يحصى ثم هو والجهل سواء في أصل الأضرار والإهلاك وإفساد القلب إلا أنه أقوى في ذلك وأضر من الجهل لأن تفويت المنافع الحاصلة أشد وأصعب وأدخل في الحزن مع عدم تحصيلها ابتداء ولأن ذكر الجاهل في التندم من الجهل وفكر المعجب في التبختر والتعاظم ادعاء الشركة بالباري ومن ثم روي أن الذنب خير من العجب لأنه لو لا العجب لما خلا الله تعالى بين عبد المؤمن وبين ذنب أبدا فجعل الذنب فداء من العجب لكونه أشد منه.
* الأصل:
339 - ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني إن كنت عالما عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا حسين أجب الرجل. فقال الحسين (عليه السلام): أما قولك: أخبرني عن الناس، فنحن الناس ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه « ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس» فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أفاض بالناس. وأما قولك: أشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا ولذلك قال إبراهيم (عليه السلام): «فمن تبعني فإنه مني».
وأما قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم وأشار بيده إلى جماعة الناس ثم قال: «إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا».
* الشرح:
قوله: (فنحن الناس. انتهى) أريد بالناس هنا: من كملت صورته الظاهرة والباطنة وبلغت غاية الكمال وهم الرسول والأئمة (عليهم السلام) وبأشباه الناس التابعون لهم والذاهبون معهم حيث ما ذهبوا فحصلت لهم بذلك المشابهة بهم وبالناس في قوله «إلى جماعة الناس» من لهم هذه الصورة الظاهرة مع فساد الصورة الباطنة ولذلك شبههم بالأنعام في عدم التدبر والتفكر بل هم أضل لا بطالهم الفطرة الأصلية والعقول المدركة للمعقولات بخلاف الأنعام، وأما النسناس بكسر النون وقد تفتح فقال ابن الأعرابي: هم يأجوج ومأجوج وقيل: خلق على صورة الناس أي أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بني آدم، وقيل: هم من بني آدم وفي حديث العامة أن الأحياء