* الشرح:
قوله (قلت تقول هم الأفجران من قريش) الظاهر أن المراد بهما الأول والثاني (وأن قوله بني أمية وبنو المغيرة) خبر بعد خبر بلا عاطف، وكونه بدلا بعيد. (ثم قيل هي والله قريش قاطبة) أي جميعهم، ونصبها على المصدر أو الحال، والمراد بقريش من لم يؤمن منهم. (فقال إني فضلت قريشا على العرب) ومما يؤيد ذلك ما رواه مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال «الناس تبع لقريش في الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم» وعنه أيضا «الناس تبع لقريش في الخير والشر» قال بعضهم: إنهم كانوا في الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله، وكانت الجاهلية تنتظر إسلامهم كلما أسلموا اتبعهم الناس وجاء وفود العرب من كل جهة، وكذلك حكمهم في الإسلام في تقديمهم للخلافة، وهذا هو الحكم ما بقي من الدنيا وبقي من الناس ومن قريش اثنان هذا كلامه. أقول يدل على هذا أيضا ما رواه مسلم عنه (صلى الله عليه وآله) «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» ثم عين رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصيه وخليفته والأحاديث الدالة على ذلك من الطرفين أكثر من أن تحصى وهم مع ذلك (بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم) لما أحدثوا يوم السقيفة، كما أشار إليه بقوله. (فبدلوا نعمتي كفرا) النعمة الرسالة والولاية، وتبديل كل واحدة منهما بالكفر مستلزم لتبديل الأخرى به. (وأحلوا قومهم دار البوار) بار الشئ يبور بورا بالضم: هلك، والبوار: الهلاك.
* الأصل:
78 - وبهذا الإسناد، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: إن الناس لما كذبوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) هم الله تبارك وتعالى بهلاك أهل الأرض إلا عليا فما سواه بقوله (فتول عنهم فما أنت بملوم) ثم بدا له فرحم المؤمنين، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
* الشرح:
قوله (قالا إن الناس لما كذبوا برسول الله (صلى الله عليه وآله)) أي بما جاء به، أو الباء زائدة، يقال كذب بالأمر تكذيبا: أنكره، وكذب فلانا جعله كاذبا.
(هم الله تبارك وتعالى) أي أراد إرادة غير حتمية (بهلاك أهل الأرض) ممن بلغت إليه الدعوة أو مطلقا (إلا عليا فما سواه) ممن آمن كخديجة حيث لم يؤمن غيرهما قريبا من خمس سنين.
وجعل ما سواه تفسيرا للمستثنى منه مبالغة في شمول الهلاك لغير علي (عليه السلام) بعيد لفظا ومعنى بقوله (فتول عنهم) أي فأعرض عنهم بعد ما بلغت وأصروا على الإنكار (فما أنت بملوم) على الإعراض عنهم بعد بذل الجهد في التبليغ، والأمر بالإعراض ليس إلا