غير المختون، والغلفة الجلدة التي تزال في الختان، والمعنى أنهم يحشرون غير مختونين، والقصد أنهم يحشرون كما خلقوا أولا لا يفقدون شيئا حتى الغلفة تكون معهم، انتهى.
ويمكن أن يقرأ عزلا بالزاي المعجمة بعد العين المهملة جمع أعزل وهو المنفرد المنقطع، والقصد أنهم يحشرون فريدا وحيدا.
الثانية أنهم بهم، قال ابن الأثير فيه: «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة بهما» البهم جمع بهيم، وهو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواء يعني ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير ذلك وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار، وقال بعضهم: روي في تمام الحديث.
(قيل: وما البهم؟ قال ليس معهم شيء) يعني من أعراض الدنيا وهذا يخالف الأول من حيث المعنى، الثالث والرابعة أنهم جرد مرد جمع أجرد وأمرد، والأجرد الذي لا شعر على بدنه، والأمرد الذي لا شعر على وجهه.
(في صعيد واحد) قيل: الصعيد ما استوى من الأرض، وعن الفراء: هو التراب، وعن ثعلب: هو وجه الأرض، والمراد به هنا الأرض المستوية التي لا عوج فيها ولا أمتا.
(يسوقهم النور ويجمعهم الظلمة) كأن المراد بالنور الإيمان وتوابعه من العبادات لأنها أنوار تسعى بين يدي صاحبها يوم القيامة وهم يمشون على أثرها، وبالظلمة الكفر والشرك ولواحقهما من المعاصي، ونسب الجمع إلى الظلمة لأنها سبب لحيرتهم واجتماعهم فكأنها جمعتهم كما هو شأن الضالين عن الطريق يتحيرون ويجتمعون، ويمكن أن يراد بالنور معناه الحقيقي، وبالظلمة زوال النور، فإذا ظهر النور مشوا، وإذا زال اجتمعوا وسكنوا.
(حتى يقفوا على عقبة المحشر) في المحشر عقبات مخوفة ومنازل مهولة هي عقبات الفرائص ومنازل الأخلاق سمي عقبة لشدة المرور عليها والتخلص من شدايدها، وإليها أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فإن أمامكم عقبة كؤدا - أي شاقة - ومنازل مخوفة لابد من الورود عليها والوقوف عندها) أراد بها (عليه السلام) منازل الآخرة ومقامات النفوس في السعادة والشقاوة والأهوال الأخروية، وظاهر أنه لابد من ورود تلك المنازل والوقوف عندها إلى حين عبورها خصوصا أصحاب الأعمال القبيحة والملكات الردية والعلائق البدنية فإن وقوفهم بها أطول وشدايدهم فيها أهول ومرورهم عليها أشق وأشكل، ولعل المراد بتلك العقبة عقبة الإيمان ومظالم الخلق، كما يرشد إليه قوله فيما بعد: (يقول الكافر هذا يوم عسر) وقوله (ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولأحد عنده مظلمة) فالكفار في هذه العقبة يسلكون طريق جهنم ومن عنده من المسلمين مظلمة لأحد ولم يقع العفو من المظلوم لم يدخل الجنة حتى يخرج من عهدتها عند الحساب كما سيصرح به ومنه يظهر سر ما مر من أن نشر الدواوين ونصب الموازين