* الأصل:
75 - وبهذا الإسناد، عن أبان، عن عقبة بن بشير الأسدي، عن الكميت بن زيد الأسدي قال:
دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: والله يا كميت لو كان عندنا مال لأعطيناك منه ولكن لك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحسان بن ثابت لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا.
قال: قلت: خبرني عن الرجلين قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره، ثم قال: والله يا كميت ما أهريق محجمة من دم ولا أخذ مال من غير حلة ولا قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما.
* الشرح:
قوله (ولكن لك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحسان بن ثابت لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا) ظاهره أن روح القدس قد ينبعث في بعض الأوقات في روع غير الأئمة (عليهم السلام) وكان كميت شاعرا فصيحا مادحا للأئمة (عليهم السلام) كما كان حسان مادحا للنبي (صلى الله عليه وآله) وهو حسان بن ثابت بن المنذر ابن عمرو بن النجار الأنصاري يكنى أبا الوليد وقيل أبا عبد الرحمن وقيل أبا الحسام.
قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر رسول الله في النبوة، وشاعر العرب كلها في الإسلام. وقال أيضا: اجتمعت العرب كلها على أنه أشعر أهل المدن. وقال الأصمعي: حسان أشعر أهل الحضر، وقيل لحسان: لان شعرك في الإسلام، يا أبا الحسام. فقال: إن الإسلام يحجز عن الكذب، يعني أن الشعر لا يحسنه إلا الإفراط في الكذب والتزيين به، والإسلام يمنع من ذلك. وقال أيضا: ما يجود شعر من يتقي الكذب. توفى سنة أربعين في خلافة علي (عليه السلام)، وقيل: سنة خمسين، وقيل: أربع وخمسين، ولم يختلفوا أنه عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، وكذلك عاش أبوه وجده، وأدرك النابغة الجعدي والأعشى، وأنشدهما من شعره وكلاهما استجادا شعره. ومعنى الذب: الدفع، وقد كان نفر من قريش يهجون النبي (صلى الله عليه وآله) كابن الزبعرى وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعمرو بن العاص وضرار بن الخطاب وكان حسان يدفعهم ويرد عليهم فتركوا هجوه خوفا منه، فكان هو ناصر النبي (صلى الله عليه وآله) بالسنان واللسان، والمراد بروح القدس جبرئيل (عليه السلام) والمراد بكونه معه ما دام الذب على سبيل الإمداد بالإلهام والتذكير والإعانة.
(والله يا كميت ما أهريق محجمة من دم..) المحجم والمحجمة بكسرهما ما يحجم به، وحرفته الحجامة بالكسر، ولعل المراد إهراق مقدارها من الدم ظلما، وتغليب حجر عن حجر كناية عن الشدائد، أو عن إزالة الحق عن مركزه، والمقصود أن جميع المفاسد إلى يوم القيامة في أعناقهما لأنهما منشأ لها، ولولا فسادهما في الدين لشاع العدل وارتفع الجور واستقام نظام الخلق.