وتعالى واسمعوا إن الله تبارك وتعالى يقول] لكم [: أنا الوهاب إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا وإن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم قال: فيفرحون بذلك لشدة جهدهم وضيق مسلكهم وتزاحمهم قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه ويبقى بعضهم فيقول:
يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها قال: فينادي مناد من تلقاء العرش أين رضوان خازن الجنان - جنان الفردوس - قال: فيأمره الله عز وجل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الأبنية والخدم. قال: فيطلعه عليهم وفي حفافة القصر الوصائف والخدم قال: فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى: يا معشر الخلائق ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى هذا القصر، قال فيرفعون رؤوسهم فكلهم يتمناه. قال فينادي مناد من عند الله تعالى: يا معشر الخلائق هذا لكل من عفا عن مؤمن؟
قال: فيعفون كلهم إلا القليل، قال: فيقول الله عز وجل لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم ولا يجوز إلى ناري اليوم ظالم ولأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى يأخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب.
قال: ثم يخلي سبيلهم فينطلقون إلى العقبة يكرد بعضهم بعضا حتى ينتهوا إلى العرصة والجبار تبارك وتعالى على العرش قد نشرت الدواوين ونصبت الموازين وأحضر النبيون والشهداء وهم الأئمة يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز وجل ودعاهم إلى سبيل الله قال: فقال له رجل من قريش يا ابن رسول الله إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة، أي شيء يأخذ من الكافر وهو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر فيعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة قال: فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة للمسلم عند مسلم كيف تؤخذ مظلمته من المسلم؟ قال: يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم فتزاد على حسنات المظلوم، قال: فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟ قال إن لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئات يؤخذ من سيئات المظلوم فتزاد على سيئات الظالم.
* الشرح:
قوله (قال إذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى الناس من حفرهم غرلا بهما جردا مردا) روي من طريق العامة عنه (عليه السلام) أيضا «أنه يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما جردا مردا» قال الأبي في كتاب إكمال الإكمال الأظهر أن مقام التكرمة يقتضي عدم حشر الأنبياء كذلك، انتهى، وقد ذكر (عليه السلام) هنا لأهل المحشر أربع صفات الأولى أنهم غرل بالراء المهملة بعد الغين المعجمة المضمومة جمع أغرل، قال عياض بن الأثير: الأغرل الأغلف، والغرلة الغلفة، وقال المازري: الأغلف