مدة طويلة وعذبه بهواء النفس وإغواء الشيطان فهو محل الترحم (وفي رواية أخرى فإذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر) للعمر - وهو زمان بقاء كل شخص - مراتب في القوة والضعف والتوسط، وأضعف المراتب وأرذلها مائة سنة فصاعدا لأن العمر حال الطفولية وإن كان ضعيفا لكنه في مقام الترقي لقبول الكمال بخلاف مائة سنة فإنه في غاية الضعف ومقام التنزل حتى تبلغ حدا لا يدري ما يقول وما يفعل.
* الأصل:
84 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن داود، عن سيف، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عز وجل إلى ملكيه قد عمرت عبدي هذا عمرا فغلظا وشددا وتحفظا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره.
* الشرح:
قوله (إن العبد لفي فسحة من أمره..) الفسحة بالضم: السعة، أي هو في سعة من أمره التكليفي أو في فعله للمساهلة في كثير من أموره لشدة شهوته وكمال قوته المقتضية للطغيان وضعف عقله المانع من العصيان وليس فيه ما ينافي الحديث السابق إذ ليس في السابق حكم ما دون الأربعين وأما ما في السابق من رفع الأدواء الثلاثة عن صاحب الأربعين فلا ينافي التشديد عليه في أمره ولكن لابد من تقييد التشديد بالبلوغ إلى الخمسين لأن الخمسين يوجب التخفيف كمار مر أو القول بأن التخفيف من باب التفضل لمن يشاء الله فقد يخفف لصاحب الخمسين وقد يشدد عليه.
* الأصل:
85 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره فقال: لا بأس إنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك لمكان ربئة كانت بحيال العدو، فوقع فيهم الوباء فهربوا منه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الفار منه كالفار من الزحف كراهية أن يخلو مراكزهم.
* الشرح:
قوله (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوباء..) الوباء يقصر ويمد وجمع المقصور أوباء وجمع الممدود أوبية، وقد وبئت الأرض توبأ وباء فهي موبوءة إذا كثر مرضها، وكذلك وبئت توبأ وباءة فهي وبئة ووبيئة على فعلة وفعيلة وفيه لغة ثالثة أوبأت وهي موئبة وهو مرض عام يكون عند