شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٨
شهادتان مقرونتان لا تنفع إحديهما بدون الأخرى، والثانية بمنزلة الباب للأولى إذ لا يحصل التوحيد والحق إلا ببيان الرسول والإقرار به، وفي عبده إشارة إلى شرف مرتبة العبودية (أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) الهدى: القرآن، والايمان والبيان والدلالة ودين الحق: الشريعة التي جاء بها النبي (صلى الله عليه وآله) وإظهاره على الأديان كلها عند ظهور الصاحب (عليه السلام) كما دل عليه صريح بعض الروايات.
(أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار) في كنز اللغة قرار «آرام گاه» كما قال تعالى (ثم جعلناه في قرار مكين) وقرار الأرض المستقر الثابت منها وفيه تنبيه للغافلين من أبناء الدنيا على أنه لا ينبغي لهم الركون إليها وقصد السكون فيها للزوم مفارقتها سريعا كما أشار إليه بقوله (إنما أنتم فيه كركب عرسوا فأناخوا، ثم استقلوا فغدوا وراحوا) الركب جمع راكب: الدابة كصحب جمع الصاحب، والتعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة، والاستقلال: رفع الشيء وحمله ذهاب القوم، تقول استقله أي حمله ورفعه واستقل القوم: أي ذهبوا وارتحلوا، والغدو والرواح:
الذهاب غدوة وعشية أي ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وآخر النهار، ثم كثر استعمالها في الذهاب أي وقت كان من ليل أو نهار فهما متفارقان في الأصل ومتساويان في الاستعمال وقد خاطب الناس أجمعين من باب التغليب وشبههم بجماعة الفرسان من المسافرين وأشار إلى وجه الشبه بقوله عرسوا إلى آخره وهو متحقق في المشبه به حسا وفي المشبه عقلا أو شبههم بالذين ماتوا على أن يكون المراد بالركب الجماعة الماضين بقرينة ما بعده والوجه وهو ما ذكر متحقق في الطريفين عقلا، توضيح ذلك:
أن الإنسان وهو النفس حقيقة بعد نزوله في هذا المنزل وهو الدنيا في مدته قليلة سائر إلى دار الآخرة سريعا ومركبه البدن والقوى النفسانية، وطريق سيره هي العالم المحسوس والمعقول، وسيره هو تصرفه في العالمين لتحصيل السعادة أو الشقاوة في الآخرة وفيه ترغيب في الأول وتحذير عن الثاني (دخلوا خفافا وراحوا خفافا) الخفاف ضد الثقال وضمير الجمع للركب أي دخلوا في الدنيا خفافا من متاعها وراحوا منها إلى الآخرة خفافا منه وفيه تنفير للناس عن الدنيا وزهراتها لأنهم لا يحملون معهم عند الارتحال إلى الآخرة شيئا منها فينبغي أن لا يصرفوا أعمارهم في تحصيلها (لم يجدوا عن مضى نزوعا) المضي بالفتح فالسكون «گذشتن ورفتن» والنزوع بضم النون «ابا نمودن وبا كسى در چيزى مخالفت كردن وباز ايستادن»، يقال: نزع عن الأمر نزوعا انتهى عنه وأباه (ولا إلى ما تركوا رجوعا): أي لم يجدوا رجوعا إلى ما تركوا من الدنيا والمساكن والأموال وغيرها، والمراد أن رحيلهم من الدنيا إلى الآخرة وقطع عقبات الموت وما بعده أمر اضطراري وليس لهم قدرة على الرجوع إلى الدنيا بعد الخروج منها ليتداركوا ويعملوا
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557