شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٥٧
يغلبه فيه وذلك أن الله تبارك وتعالى لما خلق البحار السفلى فخرت وزخرت وقالت: أي شيء يغلبني فخلق الأرض فسطحها على ظهرها فذلت ثم قال: إن الأرض فخرت وقالت: أى شيء يغلبني؟ فخلق الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد بما عليها فذلت الأرض واستقرت، ثم إن الجبال فخرت على الأرض فشمخت واستطالت وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق الحديد فقطعها فقرت الجبال وذلت، ثم إن الحديد فخرت على الجبال وقال: أي شيء يغلبني؟ فخلق النار فأذابت الحديد فذل الحديد، ثم إن النار زفرت وشهقت وفخرت وقالت: أي شي يغلبني؟
فخلق الماء فأطفأها فذلت، ثم إن الماء فخر وزخر وقال: أي شي يغلبني؟ فخلق الريح فحركت أمواجه وأثارت ما في قعره وحبسه عن مجاريه فذل الماء، ثم إن الريح فخرت وعصفت وأرخت أذيالها وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق الإنسان فبنى واحتال واتخذ ما يستتر به من الريح وغيرها فذلت الريح، ثم إن الإنسان طغى وقال: من أشد مني قوة؟ فخلق له الموت فقهره فذل الإنسان; ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عز وجل: لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين:
أهل الجنة وأهل النار ثم لا احييك أبدا فترجى أو تخاف، وقال أيضا: والحلم يغلب الغضب، والرحمة تغلب السخط، والصدقة تغلب الخطيئة، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أشبه هذا مما قد يغلب غيره.
* الشرح:
قوله (وبهذا الاسناد قال) أي أبو عبد الله (عليه السلام) (قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله عز وجل خلقا إلا وقد أمر عليه آخر) أمره عليه تأميرا إذا جعله أميرا (يغلبه فيه) أي في أمره (وذلك أن الله تعالى لما خلق البحار السفلى) هي البحار التي على مركز العالم والعليا هي التي في السماء كما دل عليه بعض الروايات والشعب المنقطعة من السفلى على وجه الأرض (فخرت وزخرت) الفخر والافتخار: المباهاة بالقوة والشدة والعظمة وغيرها من المناقب، والزخور: المد والاستعلاء والارتفاع، يقال: زخر البحر أي مد وكثر ماؤه، وعلا وارتفعت أمواجه (وقالت أي شيء يغلبني) هذا القول منها ومن مثلها إما بلسان الحال أو بلسان المقال إذ لا يبعد من القدرة الإلهيه أن يخلق النطق فيها (فخلق الأرض فسطحها على ظهرها فذلت) سطحه كمنعه بسطه وصرعه وأضجعه، ولعل الغرض من هذا الكلام بيان أن كل قوى غيره تعالى ضعيف، وكل غالب غيره مغلوب، وأن الكبر والافتخار في الممكن سبب لذله.
(ثم قال: إن الأرض فخرت) لما رأت من قوتها وغلبتها على البحار (وقالت أي شيء يغلبني) ظنا منها أن لا شيء أقوى وأرفع منها كما يظن ذلك كل متكبر فخور.
(فخلق الجبال فأثبتها على ظهرها) دل على أن الأرض خلقت أولا نقية خالية عن التلال والوهاد والجبال كما دلت عليه أيضا روايات أخر.
(أوتادا من أن تميد بما عليها) ما د يميد ميدا إذا تحرك واضطرب ومال
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557