شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٤٦
الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.
* الشرح:
قوله (إن الله خلق الجنة قبل أن يخلق النار وخلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية) كان المراد بالخلق التقدير دون (1) الإيجاد والتكوين لأن الإيجاد لا يصح في بعض المذكورات كالطاعة والمعصية عند أرباب العصمة (عليهم السلام) ولعل تعلق التقدير أولا بالأمور المقدمة باعتبار أنها أشرف، وهذا ظاهر في غير الأرض والسماء ويمكن أن يقال الأرض أيضا أشرف (2) من حيث إنها مهد للإنسان أحياء وأمواتا ومعبد للأنبياء والأوصياء والصلحاء وفيها معاشهم والسماء مخلوقة لأجلهم كما دل عليه ظاهر الآيات والروايات ثم الترتيب بين التقديرات المتقدمة وكذا بين التقديرات المتأخرة غير ظاهر ولا مستفاد من هذا الحديث لأن الواو لمطلق الجمع والتقديم الذكري غير مفيد.
* الأصل:
117 - عنه، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله خلق الخير يوم الأحد وما كان ليخلق الشر قبل الخير وفي يوم الأحد والاثنين (3) خلق الأرضين، وخلق أقواتها في يوم

(١) قوله «كان المراد بالخلق التقدير» قال المجلسي رحمه الله: خلق الطاعة أي قدرها قبل المعصية وتقديرها وكذا في الفقرتين بعدها. (ش) (٢) قوله ويمكن أن يقال الأرض أيضا أشرف، وعلى هذا فيعم الكلام خلق الأشرف قبل غيره لأن السماء ليس شرا بل هي أشرف من وجه الأرض أشرف من وجه وقال الله تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) ولولا شرفها بالنسبة لم يكن معراج النبي (صلى الله عليه وآله) فخرا له وشرفا ولم يكن الجنة في السماء ولم يمنع المعاندون من السماوات كما قال تعالى: (لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة) ولعل المراد بالسماوات التي هي أشرف غير ما هو مؤخر في الخلق هنا فإن السماوات إطلاقات واختلفت الروايات وظاهر الآيات في خلق السماوات قبل الأرضين أو بعدها، والأمر سهل. (ش) (٣) قال البيضاوي: أي في مقدار يومين أو بنوبتين وخلق في كل نوبة ما خلق في أسرع ما يكون، ولعل المراد بالأرض ما هو جهة السفل من الأجرام البسيطة ومن خلقهما في يومين أنه خلق لها أصلا مشتركا ثم خلق لها صورا بها صارت أنواعا، انتهى.
أقول: خلق الأرض والسماء وما فيها في ستة أيام مذكور في التوراة، والمقصود منه بيان حكمة تقسيم الأسبوع والحكم بتشريع يوم للراحة في كل سبعة أيام وكيف اختير هذا العدد في شرايع الأنبياء ولم يكن عند الفرس وغيرهم يوم في ترتيب الأعداد بل كان عيد العجم في كل يوم ينطبق اسمه مع اسم الشهر فقط كيوم فروردين في شهره ويوم خرداد في شهر خرداد. وكان لليهود سبت سنوي يعطلون المزارع والأراضي في كل سبع سنين سنة واحدة فذكر الله تعالى هذه المناسبة بأن الله تعالى خلق ما خلق في ست نوب فاعملوا أنتم في ستة أيام أو في ست سنين ورأى الله المصلحة في إبقاء هذا التقسيم في شريعة عيسى (عليه السلام) وشريعتنا فبقي الاسبوع والعمل ستة أيام وأن تغير يوم الراحة. وقال تعالى بعدد ذكر الخلق ستة أيام في سورة السجدة وكون خلق الأرض واقواتها في أربعة أيام (سواء للسائلين) وأن حفظ هذا الاصطلاح صلاح للناس كما في ساير الأمور، والعلماء وأصحاب الفنون متوافقون عليه مثلا قسموا الدائرة على ستين وثلاثمائة جزءا وسموه درجة وكان تقسيمه بغير هذا الطريق ممكنا لأنهم استحسنوه وحفظ من جاء بعدهم اصطلاحهم لئلا يتشوش الحسابات في الأدوار المختلفة ويفهم كل واحد ما قاله الآخر ولا يحتاج إلى الحسابات المعضلة في تقدير المقادير كما ترى في تطبيق الرطل والمن والصاع والدرهم على المقادير التي غيرها الناس في كل زمان، وقال الله تعالى (سواء للسائلين) إشارة إلى هذه المصلحة العامة وإلا فالذي يقابل الليل في العربي الفصيح الصريح هو النهار، ولذا لا ترى في القرآن الكريم في مقابلة الليل إلا لفظ النهار ففي كل موضع تجد الليل والنهار ولا تجد اليوم والنهار في موضع البتة وأما، اليوم فكثيرا ما يطلق على الوقت المطلق مثل: (إن يوما عند ربك كألف سنة) وكذلك يقال يوم الفجار أي أيام حرب الفجار ويوم داحس أي زمان هذه الحرب ودامت أربعين سنة وهكذا فسر (فذكرهم بأيام الله) أي الأوقات التي أنعم فيها على بني إسرائيل، وهكذا على ما ذكر أهل التفسير، وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى في ستة أيام أي في ستة أوقات وفي يومين أي في وقتين ابتداء الخلق وانقضاؤه. انتهى قوله (ش)
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557