أنت فيه، والغد داخل في هذه الثلاثة إن عشت فيه.
(من أصبح وأمسى معافى في بدنه) أي صحيحا من غير علة (آمنا في سربه) يقال: فلان آمن في سربه - بالكسر - أي في نفسه، وفلان واسع السرب أي رخي البال، ويروى بالفتح وهو المسلك والطريق، يقال: خل له سربه - بالفتح - أي طريقه، والمقصود أنه آمن في نفسه وعرضه وماله أو في طريقه يذهب حيث يشاء لا يتعدى عليه أحد ولا يمنعه ولا يظلمه (وعنده قوت يومه) له ولعياله بقدر الكفاف.
* الأصل:
128 - عنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (عن أبيه (عليه السلام)) أنه قال لرجل وقد كلمه بكلام كثير فقال: أيها الرجل تحتقر الكلام وتستصغره، اعلم أن الله عز وجل لم يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولا فضة ولكن بعثها بالكلام وإنما عرف الله جل وعز نفسه إلى خلقه بالكلام والدلالات عليه والأعلام.
* الشرح:
قوله (قال لرجل وقد كلمه بكلام كثير فقال أيها الرجل تحتفر الكلام وتستصغره) لما أكثر الرجل الكلام بما لا نفع فيه كأنه أهجر به وزعم أنه سهل ولم يعلم أن الكلام من الأعمال فإن كان صالحا يوجب المدح والثواب وان كان باطلا يوجب الذم والعقاب فلذلك ذمه (عليه السلام) ومنعه عن العود لمثله.
(اعلم أن الله عز وجل لم يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولا فصة) خصهما بالذكر لأنهما عند أهل الدنيا أعظم متاعها (ولكن بعثها بالكلام) المراد به الكتب السماوية، أو الأعم منها ومما يتكلم به الرسل بالوحي من أحوال المبدأ والمعاد والأحكام والمواعظ والنصايح النافعة في الدنيا والآخرة.
(وإنما عرف الله نفسه إلى خلقه بالكلام والدلالات عليه والاعلام) لعل المراد بهذا الكلام أسماؤه تعالى كما مر في كتاب التوحيد أنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، أو الأعم منه ومما أوحى إلى رسله من أمر توحيده وصفاته الذاتية والفعلية بواسطة أو بدونها كما قال لموسى (عليه السلام) (أنا الله لا إله إلا أنا) والمراد بالدلالات اللفظية والكلامية أو الأعم منها و من الآثار وبالأعلام أعلام الاهتداء به مثل الرسل والحجج عليهم السلام أو المعجزات وفيه تنبيه على عظمة شأن الكلام وعلى أنه ينبغي أن لا يتكلم الرجل إلا بأمر الدين أو بما هو ضروري من أمر الدنيا ويترك اللغو المباح وغيره، وقد مر في باب الصمت في كتاب الكفر والإيمان توضيح ذلك مفصلا.
* الأصل:
129 - وبهذا الاسناد قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله جل وعز خلقا إلا وقد أمر عليه آخر