والتمثيل أو المراد باليد يد الرسول (صلى الله عليه وآله) أضيفت إليه تعالى للتشريف والتعظيم وهو مروي.
(ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) أي من نقض العهد فإنما ينقضه على نفسه لعود ضرره إليه لا إلى غيره. (ومن أوفى بما عاهد عليه) من الإيمان به والعمل بما جاء به ونصرته في الحروب بالنفس والمال (أوفيت له بالجنة) يقال وفى بالعهد وأوفى ووفى إذا أتمه وأكمله وأتى به كما هو حقه.
(فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا كتبه) درس الرسم عفى، ودرسه الريح لازم متعد، والضمير في كتبه راجع إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، والجمع إما للتعظيم أو لاشتمال كتابه على جميع ما في الكتب السابقة أو أريد به القرآن وغيره ومما كتبوه سماعا منه (صلى الله عليه وآله) (ولا يحرفوا سنته) من التحريف لا من الإحراق كما في بعض النسخ (وأن يقرئوه السلام) في القاموس: قرأ عليه السلام بلغه كأقرأه، ولا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا (فإن له في المقام شأنا من الشأن) أي في مقام الشفاعة أو مقام القرب أو مقام القيامة أو مقام ظهوره (عليه السلام) والشأن: الخطب والأمر والحال، والتنكير للتعظيم.
(يا عيسى كل ما يقربك مني) من الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة والحكم البالغة والعلوم النافعة (فقد دللتك عليه) وهديتك إليه فخذها إليك (وكل ما يباعدك مني فقد نهيتك عنه فارتد لنفسك) أي اطلب لنفسك ما هو خير لك من هذين الأمرين، وارتد: أمر من الارتياد وهو طلب الشيء بالتفكر فيه مرة بعد أخرى كالرود والرياد، ومنه المراودة.
(يا عيسى إن الدنيا حلو) الحلو بالضم: نقيض المر، إشارة به إلى وجه اغترار الناس بالدنيا وانخداعهم منها لحلاوة متاعها وزهراتها في بادي نظرهم فمالت إليها نفوسهم، وأما عند أولي الأبصار فهي مخلوطة بالأكدار أو آيلة إليها وما من أحد يتعرض لها إلا ويجدها متضمنة لمكاره شديدة ويجد في حلاوتها مرارة كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذمها.
(وقد أمر) أي صار مرا منها ما كان حلوا وكدر منها ما كان صفوا.
(وإنما استعملتك فيها) أي طلبت العمل منك فيها للآخرة (فجانب منها ما حذرتك منه) لأنه مع كونه معصية موجبة للبعد عن سبيل الحق والعمل للآخرة (وخذ منها ما أعطيتك عفوا) أي بغير مسألة تقول: أعطيته عفوا أي بغير مسألة وهو دليل على كمال العناية والشفقة وترغيب في الأخذ به.
(يا عيسى انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطىء) أي كما أن ذلك العبد ينظر في ذنبه ويتذلل ويتملق عند مولاه لعله يتجاوز عن تقصيره فانظر أنت أيضا في عملك وعد نفسك مقصرة فيه وتذلل عند مولاك الحق طلبا للتجاوز عن تقصيرك (ولا تنظر في عمل غيرك بمنزلة الريب) أي الشك والتهمة في تقصيره فيه بل ظن أنه أتى به بقدر الإمكان، وفي بعض النسخ: «بمنزلة الرب»