يحيى به الأموات ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم ومصابيح الهدى، فإن ضوء النهار بعضه أضوأ من بعض، أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم (عليه السلام) أئمة وفضل بعضهم على بعض وآتى داود (عليه السلام) زبورا! وقد علمت بما استأثر به محمدا (صلى الله عليه وآله)! يا محمد بن علي، إني أخاف عليك الحسد وإنما وصف الله به الكافرين، فقال الله عزوجل (كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق) ولم يجعل الله عزوجل للشيطان عليك سلطانا، يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟
قال: بلى. قال: سمعت أباك (عليه السلام) يقول يوم البصرة: من أحب يبرني في الدنيا والآخرة فليبر محمدا ولدي، يا محمد بن علي! لو شئت أن اخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك، يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي (عليهما السلام) بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله جل اسمه في الكتاب، وراثة من النبي (صلى الله عليه وآله) أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وأمه فعلم الله أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمدا (صلى الله عليه وآله) واختار محمد عليا (عليه السلام) واختارني علي (عليه السلام) بالإمامة، واخترت أنا الحسين، فقال له محمد بن علي: أنت إمام وأنت وسيلتي إلى محمد (صلى الله عليه وآله) والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام، ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ولا تغيره نغمة الرياح كالكتاب المعجم في الرق المنمنم أهم بإبدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل وإنه لكلام يكل به لسان الناطق ويد الكاتب، حتى لا يجد قلما ويؤتوا بالقرطاس حمما فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله، الحسين أعلمنا علما وأثقلنا حلما وأقربنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحما، كان فقيها قبل أن يخلق وقرأ الوحي قبل أن ينطق ولو علم الله في أحد خيرا ما اصطفى محمدا (صلى الله عليه وآله); فلما اختار محمدا (صلى الله عليه وآله) واختار محمد عليا واختارك علي إماما واخترت الحسين، سلمنا ورضينا من [هو] بغيره يرضى و [من غيره] كنا نسلم به من مشكلات أمرنا.
* الشرح:
قوله (أعلم به مني) فلا يحتاج إلى أن أخبرك بعد النظر، وفيه شيء يمكن دفعه بحمل النظر على النظر الباطني.
قوله (فعجل على شسع نعله) الشسع أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الإصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع.
قوله (فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام) وهو الوصية في الولاية والنص على الخليفة بعده