والرابع: انكشاف السرائر الروحانية بالمنام والإلهام.
والخامس: محو الظلمات المانعة من البلوغ إلى وصاله وظهور التجليات الموجبة للنظر إلى جلاله وكماله، ويمكن حمل الهدى هنا على كل واحد من هذه المعاني.
(ورفيقه محبة الأخيار) كما أنه لا بد للإنسان المسافر في قطع المنازل الجسمانية من رفيق كما روي «الرفيق ثم الطريق» كذلك لا بد للعلم في قطع المنازل الروحانية حتى يبلغ إلى غاية مقصده من رفيق وهو محبته للأخيار أو محبة الأخيار له، وبينهما تلازم; لأن المحبة من الطرفين وهي من أعظم المطالب وأشرف المقاصد، وهي أربعة وعشرون فضيلة من فضائل العلم، فمن اتصف بالعلم واتصف علمه بهذه الفضائل فهو عالم رباني وعلمه نور إلهي متصل بنور الحق، مشاهد لعالم التوحيد بعين اليقين، ومن لم يتصف بالعلم أو اتصف به ولم يتصف علمه بشيء من هذه الفضائل هو جاهل ظالم لنفسه بعيد عن عالم الحق وعلمه جهل وظلمة يرده إلى أسفل السافلين، وما بينهما مراتب كثيرة متفاوتة بحسب تفاوت التركيبات في القلة والكثرة، وبحسب ذلك يتفاوت قربهم وبعدهم من الحق والكل في مشيئة الله تعالى سبحانه، إن شاء قربهم ورحمهم، وإن شاء طردهم وعذبهم.
* الأصل:
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم وزير الإيمان العلم، ونعم وزير العلم الحلم، ونعم وزير الحلم الرفق، ونعم وزير الرفق العبرة».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم وزير الإيمان العلم) الوزير من يحمل الثقل عن الأمير ويعينه في اموره، والإيمان هو التصديق بالله وبرسوله وبما جاء به الرسول على سبيل الإجمال، وكون العلم وزيرا له ظاهر لأن العلم التفصيلي بالمعارف الإلهية والمسائل الدينية يقوي نور الإيمان في القلب، ويدبر أمره، ويحفظ جميع القوى والأركان عن الجور والطغيان، وعن صدور ما ينافي استقراره وتمكنه في ملك الباطن، وهذا التركيب يحتمل وجوها:
الأول: أن يكون فيه استعارة مكنية بتشبيه الإيمان بالسلطان، واستعارة تخييلية بإثبات الوزير له، والعلم كلام مستأنف بتقدير مبتدأ متضمن لتشبيهه بالوزير.
الثاني: أن يكون فيه استعارة تحقيقية بتشبيه صفة من صفات القلب وناصر من أنصار الإيمان