شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٩
باب التقليد * الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، فقال: «أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى) الظاهر أنه الكاهلي، وكان وجيها عند أبي الحسن (عليه السلام).
(عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) الأحبار علماء اليهود، جمع الحبر بالكسر أوالحبر بالفتح، وهو العالم، والأول أشهر وأفصح، والثاني رجحه أبو عبيد، قال: والذي عندي أنه الحبر بالفتح، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه، والرهبان عباد النصارى جمع الراهب، وهو العابد، والترهب التعبد.
(فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم) يعني لم يأمروهم بفعل الصوم والصلاة والسجود وسائر العبادات لهم قصدا للتقرب منهم.
(ولو دعوهم ما أجابوهم) لعلمهم بأنهم لا يستحقون العبادة، وإنما المستحق لها هو الله تعالى.
(ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا) إما خطأ لاعتمادهم في الأحكام الشرعية على آرائهم الفاسدة، أو عمدا لاحترازهم عن نسبة الجهل إليهم، أو لميلهم إلى الدنيا ومنافعها فجعلوا ذلك وسيلة للوصول إليها أو لغير ذلك من الأغراض الفاسدة.
(فعبدوهم) بعباداتهم المستندة إلى أقوالهم وآرائهم أو بالانقياد لهم والرجوع إليهم وقبول آرائهم وأقوالهم.
(من حيث لا يشعرون) أن تلك العبادة أو ذلك الانقياد عبادة لهم في الحقيقة، أما كون عبادتهم عبادة لهم في الحقيقة فلأن مقصودهم عبادة واضع تلك الأحكام والآمر بها وتوهموا بالتقليد وعدم التفكر في أمر الدين أن واضعها والآمر بها هو الله تعالى، والحال أنها غيره وهم الأحبار والرهبان، فرجعت عبادتهم إلى ذلك الغير وهم لا يشعرون.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست