شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٦٥
باب صفة العلماء * الأصل:
1 - محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم».
* الشرح:
(محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار) هذه الامور الثلاثة من أعظم الاصول لتحصيل سعادة الدارين واستقامة أحوال الكونين; إذ بالأول يعرف الأحكام والحلال والحرام وأحوال المبدأ والمعاد، وأحوال السياسات البدنية والمنزلية والمدنية، وبالأخيرين تزين النفس بزينة الإناءة والرزانة وتحلى بحلية الصيانة والمتانة، وتجتنب عن تبعات الغضب من التضاغن (1) والسفه والخفة وغيرها، وهذا أصل عظيم في جلب طيب عيش الدارين وطلب نظام النشأتين.
(وتواضعوا لمن تعلمونه العلم) ليكتسبوا منكم صفة التواضع أيضا لمن دونهم ويرغبوا في تحصيل العلم ولا يحتشموا عن السؤال عنكم، وبالجملة: التواضع حسن لكل أحد سيما للمتعلمين الذين هم أولياء الله وأحباؤه، ومن التواضع لهم: لين القول، والتكرار عليهم عند الاحتياج إليه، وعدم الضجر والقلق لكثرة سؤالهم، وترك الشتم والغلظة عليهم لو تكلموا بما لا يوافق المقصود، وهدايتهم إليه بلطائف التدبير وحسن التقرير.
(وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم) وذللوا نفوسكم بالاحتمال عنه; لأنكم قد أقررتم بفضله فوجب عليكم أن تعزروه وتوقروه وتعظموه وتتأدبوا بالخشوع والخضوع والتواضع والانقياد له، ولأنه أب روحاني لكم وسبب لحياة أرواحكم وكمال نفوسكم وتنور عقولكم يخرجكم من حضيض الجهالة والشقاوة إلى أوج الكرامة والسعادة ولا نعمة أعظم من ذلك، فوجب عليكم أن لا

1 - اضطغن وتضاغن القوم: انطووا على الأحقاد، وقابلوا الحقد بالحقد.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست