شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
الفراق أقوى من إدراك الجاهل لها، فلذلك كان التهاب نار الفراق على العالم أعظم وأشد منه على الجاهل.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا بلغت النفس هاهنا - وأشار بيده إلى حلقه - لم يكن للعالم توبة، ثم قرأ: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة)».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا بلغت النفس هاهنا) النفس بالتحريك واحد الأنفاس، وهو ما يخرج من الحي حال التنفس، وبالتسكين الروح، وكلاهما مناسب.
(وأشار بيده إلى حلقه) يعني قبل معاينة عالم الغيب قريبا من انقطاع زمان التكليف متصلا به.
(لم يكن للعالم توبة) لتشديد الأمر عليه وعدم المساهمة معه في كثير من الامور وقبول توبته في هذا الوقت من جملتها، ويدل على هذا التفصيل ما يأتي (1) في باب ما أعطى الله تعالى آدم (عليه السلام) وقت التوبة «عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا بلغت النفس هذه - وأهوى بيده إلى حلقه - لم يكن للعالم توبة، وكانت للجاهل توبة»، ويبعد أن يراد بالعالم العالم بموته وبالجاهل الجاهل به، كما زعم، وقيل: الفرق بينهما أن ذنوب العالم امور باطنية وصفات قلبية وملكات ردية نفسانية لا يمكن محوها عن النفس دفعة في مثل هذا الزمان القليل، بل لا بد من مرور زمان يتبدل سيئاته إلى الحسنات، بخلاف ذنوب الجاهل الناقص فإنها من الأعمال البدنية والأحوال النفسانية الخارجة عن صميم القلب وباطن الروح فيمكن محوها في لحظة.
(ثم قرأ: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة)) بعده (ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما) يعني قبول التوبة واجب على الله (2) للذين

١ - في كتاب الإيمان والكفر.
2 - والحق عندنا: أن قبول التوبة تفضل من الله تعالى وليس بواجب، ولو كان واجبا لم يتأخر قبوله عن (الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) لوجود المناط قبله، قد روي في بعض الروايات أنه لم يقبل توبتهم إلا بعد سبعة عشر يوما، إلا أن رحمة الله اقتضت أن يتفضل على الامة المرحومة في غالب الأمر على قبول توبتهم، وأيضا لو كان واجبا عقلا لم يكن فرق في الوجوب بين هذه الامة والامم السالفة ولأمكن قبول توبة بعض الأشقياء، فراجع شرح التجريد وسائر كتب الكلام، وذكرنا في حواشي مجمع البيان وبعض كتب التفسير ما يتعلق بذلك. (ش)
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست