شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٧١
باب النوادر * الأصل:
1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، رفعه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «روحوا أنفسكم ببديع الحكمة فإنها تكل كما تكل الأبدان».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، رفعه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: روحوا أنفسكم) الترويح «راحت دادن وخوش بو كردن».
(ببديع الحكمة) أي بالحكمة البديعة المحدثة، يعني «به علم تازه»، والحكمة في ألسنة الشرع العلم النافع في الآخرة، وقد تطلق على ما هو أعم من ذلك.
(فإنها تكل) بمزاولتها بعض العلوم وعكوفها عليه، والكلال الضعف والإعياء.
(كما تكل الأبدان) من الحركات المتعاقبة من باب واحد، وفيه أمر بالمراوحة بين أنواع الحكمة والعلوم بأن يطلب هذا تارة، وذلك اخرى، لارتياح النفس ونشاطها; لأن لكل جديد لذة، وهذا من جملة آداب التعلم كما أشار إليه بعض الأفاضل في آداب المتعلمين. ولهذا الحديث وأمثاله مثل قوله (عليه السلام): «إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم» (1)، وقوله (عليه السلام): «روحوا القلوب وابتغوا لها طرف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان» محمل آخر أوجه وأحسن مما ذكرناه، ولا بد لبيانه من تقديم مقدمة، وهي: أنه لما كانت الغاية من وجود الخلق هي العبادة له تعالى كما قال عز سلطانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وكانت العبادة لا تتحصل إلا بالعلم، وكان المقصود منها هو الوصول إلى جانب عزته في حظائر قدسه بأجنحة الكمال كان ذلك هو الغاية لخلق الإنسان المطلوب منه والمأمور بالتوجه والسير إليها بوجهه الحقيقي، فإن سعى لها سعيها ولم يحصل له فتور وكلال أدركها وفاز بحلول جنات النعيم وإن قصر في طلبها وانحرف عن الصراط المستقيم كان من الهالكين، وكانت غايته النار فدخلها مع الداخلين.
فقد ظهر أن غاية كل إنسان أمامه وهم يسيرون إليها وواجدون لها، إذا عرفت هذا فنقول:
كما أن الأبدان في هذا العالم المحسوس يطرأ عليه الضعف والكلال بتوارد الأمراض البدنية والأسقام الحسية فيمنعها عن الأفعال المخصوصة بها والحركات الناشئة منها، ولا بد لتعديلها

1 - النهج - قسم الحكم والمواعظ، تحت رقم 91.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست