شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
باب الرد إلى الكتاب والسنة وأنه ليس من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة (1) * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن إلا وقد أنزله الله فيه».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم) بضم الميم، ابن حكيم، ثقة.
(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء) البيان الظهور، يقال: بان الشيء بيانا إذا ظهر، وأبنته أظهرته، والتبيان بالكسر مصدر للمبالغة في البيان، وهو شاذ; لأن المصادر على التفعال إنما تجي بفتح التاء مثل التذكار والتكرار ولم تجي بالكسر إلا التبيان والتلقاء.
(حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد) من الأحكام وأسرار التوحيد وعلم الأخلاق والسياسات وغير ذلك مما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ولكن بعضه ظاهر وبعضه باطن لا يعلمه إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوصياؤه (عليهم السلام)، وسائر الناس مأمورون بالرجوع إليهم والأخذ منهم.
(حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن) الاستطاعة القدرة على الشيء، «ولو» للتمني، وكونها للشرط على حذف الجزاء بعيد.
(إلا وقد أنزله الله فيه) لأن الله تعالى عالم بمصالح العباد ومنافعهم وما يتم به نظامهم في النشأتين كلياته وجزئياته، والحكمة تقتضي عدم إهمال شيء منها فأنزل جميع ما يحتاجون إليه في تكميل الحقيقة البشرية (2) وبينه لرسوله (صلى الله عليه وآله) وأمره بالتبليغ لئلا يكون لهم على الله حجة والأولى

1 - هذا الباب رد على الإخباريين، أعني الجهلة منهم وحشوية أهل الحديث لأنه ترغيب في التمسك بالكتاب وهم ينهون عنه، والمراد بالسنة الحكم المعلوم بالتواتر من قول النبي (صلى الله عليه وآله) أو فعله وتقريره، وليس المراد منها المنقول بخبر الآحاد، فإن المنقول منه (صلى الله عليه وآله) كذلك مظنون وهو يساوي ما روي عن الأئمة (عليهم السلام) ولا يتعقل أن يجعل أحدهما دليلا على الآخر. (ش) 2 - وبالجملة: ما يحتاجون إليه في الدين وما يهتم به القايسون من فروع الدين فإن الناس ربما يتفق لهم مسائل لا يعرفون حكم الله فيه ويقولون: ليس هذا في الكتاب والسنة فيخترعون له حكما بالرأي والقياس والحديث يردعهم عن ذلك بأن كل شيء من أحكام الدين فهو يستنبط من الكتاب والسنة ولا يحتاج أحد إلى القياس، ليس هذا ناظرا إلى العلوم الكونية. (ش)
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست