شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
(وهمته السلامة) من الآفات أو من الجهالات أو من أسباب الانقطاع عنه تعالى أو من إيذاء الناس بالتفاخر وغيره كما أن الإنسان الكامل همته ذلك.
(وحكمته الورع) أي التحلي بما يوجب القرب منه سبحانه والتخلي عما يوجب البعد عنه والاجتناب عن المحظورات والمشتبهات، كما أن شأن الإنسان الكامل ذلك، وقراءة الحكمة بفتح الحاء والكاف، وتفسيرها بحكمة اللجام المانعة من خروج الفرس عن طريقه لا يناسب المقام; لأن الحكمة بهذا المعنى لم توجد في المشبه به أعني الإنسان.
(ومستقره النجاة) المستقر المكان والمنزل باعتبار استقرار صاحبه فيه والنجاة مصدر نجوت من كذا، أي خلصت منه، والمقصود أن منزله الذي إذا وصل إليه سكن واستقر فيه نجاته عن شوائب المفاسد وتخلصه عن طريق الباطل والمهالك.
(وقائده العافية) أي ما يقوده إلى مستقره ويجره إلى نجاته العافية من مرض الجهل والبراءة من طريان النقص والآفات، والعافية اسم بمعنى المصدر ويوضع موضعه يقال: عافاه الله عافية، وهي دفاع الله سوء المكاره.
(ومركبه الوفاء) أي مركبه الذي إذا ركبه يوصله إلى مستقره، ومقصوده الوفاء بعهد الله تعالى والاتيان بما أمر به والاجتناب عما نهى عنه، شبه الوفاء وهو ضد الغدر والمكر المركب لأن الوفاء يوصل صاحبه إلى مأمنه ومقصوده وهو الفوز بالتقرب منه تعالى وينجيه من الأهوال والشدائد الدنيوية والاخروية، ولكل واحد من الوفاء والغدر وجوه متعددة وموارد متسعة; لأنهما يوجدان في العلم والمال والجاه والمودة وغيرها وشناعة الغدر من أجلى الضروريات ولذلك يعترف به من له أدنى شعور.
(وسلاحه لين الكلمة) أي سلاحه الذي به يدفع تعرض المتعرضين له وإبطال المبطلين إياه لين الكلمة معهم، والتخضع في القول لهم، فإن ذلك يوجب عدم تعرضهم له، وإنما شبه لين الكلمة بالسلاح وهو آلة الحرب مثل الدرع والسنان والسهام ونحوها لأن كلا منهما يدفع عن صاحبه سورة المكاره وشر العدو. أما الأول فبالرفق والاستمالة، وأما الثاني فبالهيبة والاستطاعة.
(وسيفه الرضا) أي سيفه الذي به يدفع صولة المعاندين له عند ملاقاتهم الرضا بما صدر منهم وعدم تعرضه لهم فإنه إذا رضي بذلك سلم عن آفاتهم وعن التضجر بجدالهم ومماراتهم أو سيفه الرضا بما آتاه الله تعالى، وبالقضاء والقدر; لأن الرضا به يقطع عنه سورة المشكلات كما أن السيف يقطع اتصال المتصلات، ولأن الرضا سبب لتسخيره الفضائل الروحانية في عالم الأرواح كما أن السيف سبب لتسخير الأمير البلاد والعباد في عالم الأشباح.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست