(وقوسه المداراة) لأن صيت حسن الخلق ومداراة الناس وملاينتهم ومساترة عداوتهم يحفظ صاحبها عن شر البعيد والقريب، ومنع وصول شرهم إليه كالقوس.
(وجيشه محاورة العلماء) لأن محاورتهم يقويه ويحفظ مسالك قلبه عن توارد عساكر الجهالة (1)، كما أن الجيش يقوي السلطان ويحفظ ممالكه عن تسلط الأعادي بالطغيان والعداوة.
(وماله الأدب) أي ماله الذي به يقوت ويطلب بقاءه وحياته رعاية الأدب مع معلمه ومتعلمه وسائر الناس، وإنما شبه الأدب بالمال لأن الأدب سبب لبقائه ولتآلف القلوب وجذبها ومكتسب مثل المال ولو قرأ مآله بمعنى مرجعه فالأمر ظاهر.
(وذخيرته اجتناب الذنوب) كما أنه لا بد للإنسان من ذخيرة ليوم حاجته كذلك لا بد للعلم من ذخيرة وهي اجتناب الذنوب ليوم فقره وفاقته وهو يوم القيامة.
(وزاده المعروف) الزاد طعام يتخذ للسفر، والمعروف ضد المنكر، وأيضا العطية، والمراد هنا الأعمال الموافقة للقوانين الشرعية يعني كما أن للإنسان زادا يتوسل به في السفر الجسماني إلى مقاصده ولولاه لهلك وفسد نظامه كذلك للعلم زاد، وهو المعروف يتوسل به في السفر الروحاني إلى مقام القرب، ولولاه لهلك وفسد.
(ومأواه الموادعة) المأوى كل مكان تأوي إليه ليلا ونهارا والموادعة المصالحة ويجوز أن يكون من الوداع، والمعنى أن منزل العلم هو المصالحة بينه وبين الناس أو بينه وبين الخالق أو الوداع لهذه الدار دون القرار فيها والركون إليها.
وفي بعض النسخ: «وماؤه الموادعة» يعني ما يدفع به عطشه (2)، وحرارة قلبه هو المصالحة.
(ودليله الهدى) كما أن للإنسان المسافر في العالم الجسماني دليلا لولاه لضل عن سبيله كذلك للعلم في السفر في العالم الروحاني دليل هو الهدى، وهو خمسة أنواع:
الأول: اتصاف القوة العقلية بما يتوسل به إلى الاهتداء بالمصالح.
والثاني: الدلائل العقلية الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد.
والثالث: الكتاب الإلهي والرسول والأئمة (عليهم السلام).