ظهريا ونبذها من ورائه نسيا منسيا، وهذا - أي ارتياح النفس بطرائف الحكمة وبدائعها - إذا كانت النفس قابلة للعروج إلى المقامات العالية مستعدة لاكتساب الفيوضات الإلهية متحلية بحلية العلوم والفضائل متخلية عن الشرور والرذائل فإنها إذا كانت بهذه المنزلة تلتذ بإدراك طرائف الحكمة وحقائقها ونيل لطائف العلوم ودقائقها، وأما النفوس المعطلة الخالية عن شوائب الفضيلة كنفوس الأوباش والأوغام فإنها تستنكف من استشمام نسائم العلوم ويأخذ أنف نفسه من ريح شمائمها بل يزداد مرضها أو تموت فجأة لو استمع إلى خبر صحيح وأثر صريح، ولو أردت أن تحييها فاقرأ على سمعها زخارف الأقاويل وقبائح الأباطيل وحكايات السارقين وروايات الفاسقين والأقوال الواصفة للدنيا وباطلها التي تنفر عن الآخرة وتجذب عن الافق الأعلى فإنها تستريح بها وتستمع إليها وتنشط منها كنشاط العطشان من شرب الماء وتهتز كاهتزار الأرض من مطر السماء.
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة ابن أخي شعيب العقرقوفي، عن شعيب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: يا طالب العلم، إن العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، واذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الأشياء والامور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلمة، وسيفه الرضا، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذنوب، وزاده المعروف، وماؤه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه محبة الأخيار».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة ابن أخي شعيب العقرقوفي، عن شعيب) وهو العقرقوفي أبو يعقوب ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم، عين، ثقة.